[السراج المشرق في رواة كتاب الموطأ من المغرب والمشرق]
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[06 - 10 - 10, 06:55 م]ـ
[السراج المشرق في رواة كتاب الموطأ من المغرب والمشرق]
الأستاذ محمد الصادق عبد اللطيف
تونس
منقول
1) التعريف بالإمام مالك بن أنس (94 – 179 هـ/ 712 – 796 م)
الإمام مالك هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبعي المدني إمام الأئمة، فقيه الأمة، عالم المدينة، أمير المؤمنين في الحديث الشريف. ولد سنة 93 هـ - وقيل سنة 94 هـ - بالمدينة المنورة، مركز الخلافة، ومنشإ الأخيار من الأئمة وموطن الشيعة الأخيار المشهورين من الفقهاء، أهل الفتوى والعلم، أهلها يروون السنة خلفاً عن سلف، وجيلاً بعد جيل. فورث مالك علم هؤلاء العلماء ونشأ مُجِدّاً في التحصيل والرواية، وأخذ العلم عن نحو من مائتي شيخ.
أشهر هؤلاء وأشدهم أثراً في تكوين عقلية مالك العلمية هو عبد الله بن يزيد المعروف بابن هرمز المتوفى سنة 148 هـ، لازمه مالك نحو سبع سنوات أو ثمان؛ وابن شهاب الزهري المتوفى سنة 120 هـ، الملقب بفقيه المدينة وكان مالك – رحمه الله – يقول:» كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر لا أبالي ألا أسمعه من أحد غيره «، وأهل الحديث يقولون:» رواية مالك «، لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة.
كذلك الإمام جعفر الصادق المتوفى سنة 148 هـ. وكان من علماء المدينة المعروفين بالدين والعلم. ويروي الشيعة عن طريقه أحاديث كثيرة، وقد أخرج له مالك في "الموطإ" تسعة أحاديث. وروى عنه من أقرانه كثيراً أيضاً، منهم سفيان الثوري وابن جريج والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة.
وقد أوصل القاضي عياض من روى عنه إلى نيف وثلاثمئة تقريباً. انتصب مالك للإفتاء والرواية نحواً من سبعين سنة، وكان لا يروي إلا عن الثقاة. قال ابن عيينة:» ما كان أشد انتقاء مالك للرجال وأعلمه بشأنهم «؛ وقال ابن أبي حاتم:» قلت لابن معين: مالك قلَّ حديثه! فقال: بكثرة تمييزه «. وقال الذهبي في "طبقات الحفاظ":» وقد اتفق لمالك مناقب ما لغيره، إحداها: طول العمر وعلو الرواية؛ وثانيتها: الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم؛ وثالثتها: اتفاق الأئمة على أنه حجة، صحيح الرواية؛ ورابعتها: تجمعهم على دينه وعد الله واتباعه السنن؛ وخامستها: تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده «([1]). توفي - رحمه الله - يوم الحادي عشر ربيع الأول سنة 179 هـ. ودفن في البقيع بالمدينة المنورة. وقبره يزار ويتبرك به ([2]).
- بيئته وعصره
نشأ الإمام في أسرة امتازت بانصراف معظم أفرادها إلى طلب العلم ورواية الحديث. فجده مالك الأصبحي يعدُّ من أكبر علماء التابعين. روى عن عمر بن الخطاب وعثمان وغيرهما، وتلقى عليه العلم أبناؤه، ومنهم أنس والد مالك، ونافع عمه، والنضر أخوه الأكبر الذي نال مرتبة عالية في الفقه ورواية الحديث. فلا غرابة حينئذ أن ينجب هذا البيت شخصية تواقة إلى طلب العلم، حريصة على التفقه في الدين، كشخصية الأمام مالك.
عاش الإمام مالك في عصر عرف فيه العالم الإسلامي تطورات سياسية هامة. فقد ولد في عهد الوليد بن عبد الملك الأموي، وتوفي في عهد الرشيد العباسي. وبذلك يكون مالك عاصر انحدار الأمويين واستيلاء العباسيين على زمام الخلافة الإسلامية. وتبعاً لهذا الانقلاب، يكون مالك قد شاهد ألواناً من الاضطرابات نشأت عنها بلبلة في الأفكار وضروب من الفوضى بلغت المدينة، مقر مالك. وكان ذلك في مناسبات، أهمها:
1) استيلاء دواد بن علي عم السفاح على المدينة، وقيامه بقتل من ظفر به من الأمويين.
2) فتنة الخوارج، والمعركة الدامية التي جرت بينهم وبين أهل المدينة المنورة.
3) خروج عبد الله بن الحسن العلوي على الخليفة العباسي المنصور.
وقد بدرت من مالك بعض الظواهر التي تنبئ عن عطفه على الثائر العلوي، فسببت له بعض المحن من طرف الوالي العباسي بالمدينة.
¥