[لم أفهم هذه الآية في سورة الواقعة؟]
ـ[أبو سعيد القرتشائي]ــــــــ[27 - 09 - 10, 11:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فلولا إن كنتم غير مدينين، ترجعونها إن كنتم صادقين
السؤال: ماهي علاقة تكذيب الكفار بالبعث، بعدم قدرتهم على إرجاع الروح؟
قرأت في أكثر من تفسير فلم أجد جوابا شافيا، بل أذكر قبل سنوات أني كنت استمع لإذاعة القرآن الكريم لبرنامج نور على الدرب وكان الضيف المفتي عبدالعزيز آل الشيخ وفقه الله وسأل سائل عن هذه الآية بعينها وتفسيرها ولا أدري هل لم يفهم الشيخ السؤال أم قصر فهمي أنا
بصراحة كنت قبل فترة أحفظ المعلقات فقرأت بيتا في معلقة عمرو بن كلثوم:
وأيام لنا غر طوال،،، عصينا المَلْكَ فيها أن ندينا
وبيت آخر:
ورثنا مجدَ علقمة بن سيف،،، أباح لنا حصون المجد دينا
فالدين في كلا البيتن بمعنى القهر والغلبة
فهل هذا هو معنى الآية، أي: فلولا إن كنتم غير مقهورين مغلوبين فارجعوا روح الميت إن كنتم صادقين.
فإذا كان هذا معنى الآية، فكيف والكفار يؤمنون بتوحيد الربوبية؟
ولا أظن أن أحدا يكفر بأن الله غالب قاهر إلا الملحدين الذين لا يؤمنون بحياته أبدا
أفيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[أبو سفيان الأزدي]ــــــــ[28 - 09 - 10, 12:57 ص]ـ
وإياك أخي الكريم ولعل في هذا النقل جواب لسؤالك:
" {فلولا إن كنتم} أيها المكذبون بالبعث وغيره {غير مدينين} أي مقهورين مملوكين مجربين محاسبين بما عملتم في دار البلاء التي أقامكم فيها أحكم الحاكمين بامتناعكم بأنفسكم عن أن يجازيكم أو يمنع غيركم لكم منه , وأصل تركيب (دان) للذل والانقياد - قاله البيضاوي {ترجعونها} أي الروح إلى ما كانت عليه {إن كنتم} أي كوناً ثابتاً {صدقين} أي في أنكم غير مقهورين على الإحضار على الملك الجبار الذي أقامكم في هذه الدار للابتلاء والاختبار , وأنه ليس لغيركم أمركم , وفي تكذيبكم لما يخبر به من الأمور الدنيوية بذل شكركم , وهذا دليل على أنه لا حياة لمن بلغت روحه الحلقوم أصلاً وهذا إلزام لهم بالبعث حاصله أنه سبحانه إن كان لا يعيدكم فليس هو الذي قدر الموت عليكم , وإن كان لم يقدره فما لكم لا ترفعونه عنه لأنه من الفوادح التي لا يدرك علاجها , وأنتم تعالجون مقدماته.
وإن قلتم: إنه مقدر لا يمكن علاجه , لزمكم الإقرار بأن البعث مقدر لا يمكن علاجه , فإن أنكرتم أحدهما فأنكروا الآخر , وإن أقررتم بأحدهما فأقروا بالآخر , وإلا فليس إلا العناد , فإن قلتم: نحن لا نعلم أنه قدره فاعلموا أنه لو لم يكن بتقديره لأمكنت مقاومته وقتاً ما لا سيما والنفوس مجبولة على كراهته , وفي الموتى الحكماء والملوك , وتقريبه أنكم قد بالغتم في الجحود بآيات الله تعالى وأفعاله في كل شيء إن أرسل إليكم رسولاً قلتم: ساحر كذاب , وإن صدقه مرسله بكتاب معجز قلتم: سحر وافتراء وأمر عجاب , وإن رزقكم من الماء الذي به حياة كل شيء مطراً ينعشكم به قلتم: صدق نوء كذا , على حال مؤد إلى التعطيل والإهمال والعبث , فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن عند بلوغه الحلقوم
إن لم يكن ثم مدبر لهذا الكون بالإرسال والإنزال وإفاضة الأرواح وقبضها وبعث العباد لدينونتهم على ما فعلوا فيما أقامهم فيه , تمثيل بأفعال الملوك على ما يعهد , فكما أن ملوك الدنيا لا يرسل أحد منهم إلى أحد من رعيته فيأخذه قهراً إلا للدينونة فكيف يظن بملك الملوك غير ذلك , فتكون ملوك الدنيا أحكم منه , فإن كان ليس بتمام القدرة فافعلوا برسله كما تفعلون برسل الملوك , فإنه ربما خلص المطلوب منهم بنوع من أنواع الخلاص بعد بلوغه إلى باب الملك فإرساله سبحانه هو مثل إرسال الملوك غير أنه لتمام ولا ليخفف عنه شيئاً مما هو فيه بغير ما أمر به سبحانه على ألسنة رسله من الدعاء ولاصدقة ولا ليعلم حاله بوجه من الوجوه بل الأمر كما قيل:
إذا غيب المرء استسر حديثه ولم يخبر الأفكار عنه بما يغني
لما كان التقدير: لا يقدر أحد أصلاً على ردها بعد بلوغها إلى ذلك المحل لأنا نريد جمع الخلائق للدينونة بما فعلوا فيما أقمناهم فيه وأمرناهم به ولا يكون إلا ما تريد , فكما انكم مقرون بأنه خلقكم من تراب وبأنه يعيدكم قهراً إلى التراب {يلزمكم حتماً أن تقروا بأنه قادر على أن يعيدكم من التراب فإن أنكرتم هذا نعيد الخلائق إلى التراب لنجمعهم فيه ثم نبعثهم منه لنجازي كلاًّ بما يستحق .... "
كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور لبرهان الدين البقاعى من المكتبة الشاملة.
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[28 - 09 - 10, 08:00 ص]ـ
قال الامام البغوي رحمه الله في تفسيره:
{إن كنتم غير مدينين} مملوكين
وقال أكثرهم: محاسبين ومجزيين.
{ترجعونها إن كنتم صادقين} أي تردون نفس هذا الميت إلى جسده بعدما بلغت الحلقوم فأجاب عن قوله: "فلولا إذا بلغت الحلقوم" وعن قوله: "فلولا إن كنتم غير مدينين" بجواب واحد.
ومثله قوله عز وجل: "فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم" (البقرة -38) أجيبا بجواب واحد،
معناه: إن كان الأمر كما تقولون -أنه لا بعث ولا حساب ولا إله يجازي -فهلا تردون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم،
وإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم وهو الله عز وجل فآمنوا به.
¥