كلنا دعاة .. لكن ينقصنا زيادة في الحب.
ليس الدهاء من يوصلنا، بل التوكُّل، وأن ندعو ونردد: "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً".
من نحن حتى يصطفينا الله جل جلاله ويختارنا لخدمة دينه!!
وماذا سنكون لو لم نكن في هذا السبيل وهذا الطريق وهذا المعترك؛ بالفعل لنفكّر ...
وتأكد، أننا متى انتصرنا على أنفسنا وحظوظها؛ فقد انتصرنا بالفعل.
ومن محاسن إخواننا في التبليغ، أنه إذا وقف أخوهم ليعظ الناس، رفع أصحابه أكُفهم يدعون له أن يصيب القول وأن يسدده الله عز وجل.
ليت لنا من تلك الأُخوّة شيء .. لنراجع أنفسنا ماذا يدور في خلدها في حال نجح أحد أقرانك وإخوانك في الدعوة إلى الله عز وجل إما بقولٍ أو درسٍ أو دورةٍ يلقيها أو عملٍ يؤديه بسكينة يطرح الله فيه قبولاً كبيراً؟؟
الجنة: هدفنا، وطريقها: الإيمان، والوسيلة: الحب والتفاني.
لا تسكت عن خطأ وقع .. فإن المخطئ إن أمررت له ذلك الخطأ استمرأ وعاد في ذلك وقال: إنهم خافوه وهابوه!!
يقول الأستاذ مصطفى مشهور –رحمه الله-حين ميّز بين اثنين في حقل الدعوة فقال: "هناك داعية عامل، وهناك عامل نفسه داعية".
الرسائل
الرسالة الأولى:
من الإسراف إشراك كل المستويات الدعوية والتربوية في الشورى، وكثرة الآراء في التعليق واتخاذ القرار الشورِّي ولو كانت صغيرة، ومناقشة الخطط ومراجعة الأعمال والمهام مع منفذيها كل ذلك أدى ومازال يؤدي إلى وجود دعاة فضوليين!!
يكثر لغطهم ونخرهم، ويقل عملهم وبذلهم، وتصبغ مجالسهم بالغيبة حتى يتساهلونها، وتصبح من أساسيات اجتماعاتهم، وتُغتال الفضيلة من مجالسهم وتذهب كل قواعد التربية الإيمانية.
ويصبح الداعية المشارك في تلك المجالس: قليل الاحترام لعناصر الجيل الأول، كثير الجرأة عليهم، أقرب إلى سوء الظن بهم، والغمز واللمز لا تخلو منه حركاته، طويل النقاش، كثير الجدل، واسع المطالب، عرض التحدي!!
واقع بالفعل .. مرير.
تجده يبدأ يعطي الملاحظات ويستدرك بالانتقادات على من سبق وكان له الفضل في تربيته، وله باع طويل في ميدان الدعوة، ويجادله ويخاصمه، بل تجده لا يلقي بأي اهتمام لقراراته بل وينتقصها أحياناً.
وهذا ليس بعرف المؤمنين ولا هو من سمتهم، ولا هي من طباعهم ولا من طباع علمائهم ودعاتهم، بل الحياء وعفاف اللسان واحترام الكبير وتبجيل من سبقنا وحسن الظن وصدق النية والتماس العذر ومال وحسن اللفظ، والاستغفار للذين سبقونا بالإيمان، والدعاء للمربي والحادي، هذا ما ورثناه عن مربيا ودعاتنا وعلمائنا وسلفنا الصالح.
شورى المسلمين لا تمتُّ بأي صلة لديمقراطية الكافرين.
إنما القيادة لأهل الحل والعقد، مهما كان العمل في الإمامتين الصغرى والكبرى، وليست هي لكل من هبّ ودبّ، يدخل ويخرج كيف شاء منها.
نريد طاعة واعية .. لا طاعة عمياء، بالحوار وتقريب وجهات النظر، وحسن الظن، والحمل على المحمل الحسن، والأدب والرفق واللفظ الجميل الحييّ من قلبٍ سليم.
الرسالة الثانية:
القائد .. كتلة من المشاعر ومجموعة من العواطف، وذهنٌ يتأمل وقلبٌ يتجول.
يجب أن نفتح له المجال في الاجتهاد والتعبير ولا نقيده، وعلينا أن نترك لفراسته وذوقه مجالاً ودوراً.
الإمام علي –رضي الله تعالى عنه- لم يكن عاجزاً؛ بل هو قمةٌ في التقوى والعلم والشجاعة "رجل .. يحبه الله ورسوله" ولكن؛ خذله أصحابه!!
فاحذر أن تخذل قائدك في هذا العمل الدعوي والتربوي، أو أي عمل تؤديه حقاً لله، فتكون سببا في نكس راية الدعوة والخذلان و إسقاط المعنويات والهمم.
القائد بين نارين .. أم نور واحد؟!!
فهو مقيّد بشورته مع النخبة والقدماء المربين وأهل الحل والعقد من العاملين في الميدان الدعوي والتربوي معه، فهل نلزمه بنار الجُدد و ارتجالاتهم ورغبات المستعجلين وظنونهم، وأهواء العاطلين وأمانيهم؟!
يكفيه واحده وهي النور الأول، كفاه الله الثانية وهي النار الحارقة!!
الرسالة الثالثة:
إنها الرحمة!!
¥