3 - اجتناب التكرار، والتطويل الممل، والاقتصار على ما لا بد من معرفته.
4 - تصغير حجم الكتاب ليسهل حمله واصطحابه في السفر ونحوه، فقد يكون أصل الكتاب مجلدات يختصر في مجلد لطيف سهل المحمل.
5 - الاقتصاد في الوقت، حيث يطرح من أصل الكتاب ما لا أهمية كبيرة لقراءته، والعمر أعز وأقصر من أن يتسع لذلك، ومن يقدر أهمية الوقت يدرك أهمية المختصرات في العلم.
6 - حذف الموضوعات الواهيات، وطرح العقائد الفاسدة، والأقوال الشاذة، أو التنبيه إليها، وكذلك تصحيح وتقويم النقول، وهذه من أهم فوائد الاختصار، وأجل أغراضه، حيث يؤدي إلى تهذيب الكتاب الأصلي، وتقويم مادته، ولا يعني هذا أن المختصر طليق اليد، حر القلم يغير ما شاء، ويطرح ما شاء، ويزيد أو ينقص ما شاء، فإن للاختصار ضوابط لا بد من مراعاتها، وقواعد لا بد من اتباعها، وإلا فقد خلا من الأمانة العلمية، وسيأتي بيان هذه القواعد قريبا بإذن الله تعالى.
7 - قد يكون المختصر في بعض الأحيان أعلم من مصنف الكتاب الأصلي، فيأتي المختصر أعظم نفعا وأجل فائدة من الكتاب الأصلي.
ومن ذلك تفسير البغوي المتقدم المسمى (معالم التنزيل)، فإنه وإن كان مختصرا من تفسير الثعلبي -كما تقدم- إلا أنه أجل منه شأنا، وأرفع مكانة، فإنه صانه عن الحكايات الواهية، والأخبار الموضوعة، والثعلبي لم يكن له كبير علم بالحديث، فحشا تفسيره بالقصص الباطلة، والأخبار المصنوعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((والبغوي تفسيره وسط، مختصر من الثعلبي، لكنه صانه عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة)) ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn10))
عيوب الاختصار:
مع ما ذكرنا من فوائد للاختصار، فإنه لا يخلو من عيوب في الجملة، ولا سيما إذا وقع ممن لا يحسنه، وتصدى له من لا نأتمنه.
ومن عيوب الاختصار وبعض المختصرات ما يلي:
أ- حذف الكثير من المحسنات اللفظية، والتراكيب والجمل، والاستغناء عن صور التشبيه، والأمثال التي تثري الكتاب، وتوضح مسائله، وتزيد الملكة الأدبية والعلمية لدى قارئه.
ب- حذف طرق الأحاديث وأسانيدها من الكتب المسندة، مما يفقد الكتاب قدرا كبيرا من قيمته العلمية، وأحيانا فإن الكتاب الأصلي يفقد، ويبقى المختصر، فإذا كان خاليا من الأسانيد فإن الحكم على أسانيد المصنف وعلى الأحاديث التي أوردها يكون غير ممكن.
ج- صعوبة فهمه، وحل ألفاظه في بعض الأحيان، فإن بعض المختصرات لا يكاد يفهم إلا مع شرح يوضحه، ومن المعلوم أن الفهم يعين على الحفظ، وأنه أهم من الحفظ المجرد عنه، وإذا عسر فهمه وعسر حفظه فقد الغرض الأهم من تصنيفه.
د- تأثر المختصر بتخصص المختصر، ومدار اهتمامه، فإذا كان لغويا تركز اهتمامه على الجوانب اللغوية أكثر من غيرها، وأعمل الحذف فيما عداها، وإذا كان المختصر فقيها دار اهتمامه على النواحي الفقهية في الكتاب، وربما اصطبغ الكتاب بميوله المذهبية، وترجيحاته الفقهية.
هـ- حذف النكت، واللطائف العلمية، والوقائع التاريخية الصغيرة، والاقتصار على الوقائع الكبيرة وحسب، وذكر الأسماء مختصرة، وربما مقطوعة عن الأنساب والأخبار.
و- لا تخلو مادة المختصر من الغموض، وهذا يؤدي إلى تخليط وتشويش خاصة على القارئ المبتدئ.
ز- بروز شخصية المختصر، وفرضها على القارئ، وفرض فهمه وحكمه على الكتاب ومسائله، مما يؤدي بصورة غير مباشرة إلى إهمال أو تذويب شخصية القارئ، ومن هنا كانت المطولات من الكتب القيمة أقوى في تربية الملكة لدى القارئ، وتنمية مداركه، وقدرته على الاستنباط والتحليل، والنظر والترجيح، وهذا له أثره في تكوين ملكة الإبداع والتجديد، وعكسه أدعى إلى الرضا بشخصية المتلقي المتلقن الذي يؤدي به إلى التقليد، وخاصة عند حذف آراء العلماء وأدلتهم وأصولهم.
ح- قد يؤدي الاختصار وكثرة الرجوع إلى المختصرات إلى قطع الصلة بالأمهات والمبسوطات، وهذا ما يعاني منه كثير من طلبة العلم في عصرنا، فإن الكثير منهم إذا رجع إلى أصول الكتب مل وسئم، وضاق صدره بعباراتها، وخفي عليه كثير من مصطلحاتها.
¥