تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكناني:» قلت لأبي حاتم الرازي "موطأ" مالك بن أنس لِمَ يسمى "الموطأ"؟ قال: شيء قد صنفه، ووطأ للناس حتى قيل "موطأّ مالك «؛ وقال ابن فهر:» بعض المشائخ يقول: قال مالك: عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة، فكلهم وطأوني، فسميته "الموطأ" «([8]).

* اصطلاح "الموطإ"

قال إسماعيل بن أبي أويس المخزومي:

قيل لمالك: قولك: الأمر المجتمع عليه عندنا، وببلدنا وأدركت عليه أهل العلم، أو سمعت أهل العلم. فقال: ما أكثر ما في الكتاب برأي. فلعمري ما هو رأي، ولكن سماع غير واحد من أهل العلم والفضل والأئمة المقتدى بهم الذين أخذت عنهم، وهم الذين كانوا يتقون الله فكثر علي، فقلت رأيي وذلك إذا كان رأيهم مثل رأي الصحابة أدركوهم عليه، وأدركتهم على ذلك. فهذه وراثة توارثوها قرناً عن قرن، إلى زماننا وما كان - أرى - فهو رأي جماعة ممن تقدم من الأئمة.

وما كان فيه - الأمر المجتمع عليه- فهو ما اجتمع عليه من قول أهل الفقه والعلم، لم يختلفوا فيه وما قلت - الأمر عندنا - فهو ما عمل الناس به عندنا وجرت به الأحكام وعرفه الجاهل والعالم، وكذلك ما قلت فيه:» ببلدنا - وما قلت فيه - بعض أهل العلم - فهو شيء أستحسنه من قول العلماء. وأما ما لم أسمعه منهم، فاجتهدت ونظرت على مذهب من لقيته، حتى وقع ذلك موقع الحق، أو قريباً منه، حتى لا يخرج عنه مذهب أهل المدينة وآرائهم «.

وإن لم أسمع ذلك بعينه، فنسبت الرأي إلى بعد الاجتهاد مع السنة، وما مضى عليه أهل العلم المقتدى بهم، والأمر المعمول به عندنا من لدن رسول الله والأئمة الراشدين مع من لقيت، فذلك رأيهم ما خرجت إلى غيرهم.

وذكر أحمد بن عبد الله الكوفي تاريخه ([9]):» إن كل ما قال فيها مالك في موطئه: الأمر المجتمع عليه عندنا فهو من قضاء سليمان بن بلال ([10]) وهذا لا يصح «.

2) منهج الإمام مالك في تأليف "الموطإ" وخصائصه

* منهج مالك في تأليف ّ"الموطإ"

تولى الإمام مالك توضيح منهجه في تأليف كتابه "الموطإ" وبيان ما اشتمل عليه من الأحاديث والآثار، قائلاً:» فيه حديث رسول الله، وقول الصحابة والتابعين ورأيي. وقد تكلمت برأيي وعلى الاجتهاد، وعلى ما أدركت عليه العلماء ببلدنا، ولم أخرج من حلبتهم إلى غيره «.

لقد اعتمد مالك في بناء مذهبه على الروايات المرفوعة للنبي منقولة أو مرسلة، وعن قضايا عمر بن الخطاب وفتاوى عبد الله بن عمر، ثم على أقوال الفقهاء السبعة، وهم: سعد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن أبي بكر الصديق، وأبو بكر بن عبد الرحمان، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار. وهم جميعاً من فقهاء التابعين وفقهاء المدينة. وبوبه على أبواب، حسب ما يحتاج إليه المسلمون في عباداتهم ومعاملاتهم وآدابهم من معرفة العمل فيها الذي يكون جارياً لهم على السند المرضيِّ شرعاً. يقول القاضي أبو بكر بن العربي:» إن مالكاً بوب "الموطأ" بحسب ما يراه من الحكم، وهو أقدم أثر إسلامي بعد القرآن «.

* خصائصه

لم يسلك الإمام مالك في التأليف منهجاً مضبواطاً من حيث التبويب والترتيب، ولكنه اعتمد:

1) ذكر الأحاديث المتعلقة بالموضوع الواحد في المسألة الفقهية التي

يبحثها ويجتهد فيها.

2) ذكر إجماع أهل المدينة المجمع عليه.

3) رأي من التقى بهم بالمدينة من أهل الفقه والرأي من التابعين.

4) الاجتهاد إذا ظهر له إشكال في موضوع ما.

5) التدليل على رأيه بمروياته من الأحاديث وأقوال الصحابة وفتاوى

التابعين.

6) الاتجاه رأساً للمسألة وبيان الحكم فيها والتدليل على ذلك.

7) نقل حكم علماء أهل المدينة، إذ يقول:» الأمر الذي لا اختلاف

فيه عندنا «.

8) كان الإمام مالك يعقب الحديث» بأنه سئل عن كذا، فأجاب بكذا «، مستشهداً بالآية أو الحديث أو القياس، لأنه يتبع أحياناً تفريع المسائل، ثم يذكر حكمها. لقد انفرد المذهب المالكي بخصائص ومزايا زودت الفقه الإسلامي بطاقة حركية متجددة، وجعلته مرناً صالحاً للتلاؤم والتكيف مع الزمن وقادراً على حكم الشعوب بالرغم من اختلاف أجناسها وألوانها وبيئاتها ولغاتها دون أن ينحرف قيد أنملة عن مبادئه وأصوله العامة المتفق عليها بالإجماع. وتتمثل هذه الخصائص في استعمال مبادئ السياسات الشرعية التالية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير