تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا، وإن كان بعص المحدثين قد تكلموا في البَزي (15)؛ ولكن الأسانيد التي رواها القراء في إثبات التكبير عن البزي، وعن غيره أسانيد معروفة وصحيحة عندهم، والتكبير ثابت معمول به، وقد نقله القراء جيلاً بعد جيل، ويرويه العلماء، ويتلقاه الطلاب رواية ودراية ومشافهة وأداء.

ولا بد هنا من التفريق بين أسانيد القراء والمحدثين، فقد تكلم بعض المحدثين في بعض أئمة القراءة، غير أن حالهم في الحديث يختلف عن حالهم في القراءة ونقلها، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره الذهبي في ترجمة حفص بن سليمان أبوعمر الأسدي، حيث نقل كلام المحدثين فيه فقال: قال البخاري: تركوه، وقال صالح بن جزرة: لا يكتب حديثه، وقال زكريا الساجي: له أحاديث بواطيل، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة.

مع كل ما سبق من الكلام في حفص من قبل حديثه، فقد وثقه الإمام الذهبي، وهو من أئمة الحديث، وفرّق بين حاله في الحديث وحاله في القراءة ونقلها مضبوطة، فقال: " أما في القراءة فثقة ثبت ضابط لها، بخلاف حاله في الحديث " (16).

وقد وثق الإمام الذهبي جملة من الأئمة في القراءة مع كونهم قد تُكلم فيهم من جهة حديثهم، وهذا لا يقدح – بحال – في تلقيهم وأدائهم للقرآن الكريم.

كما أن المحدثين أنفسهم يقرون للإمام البزي بالفضل والإمامة في القراءة، وقد تقدم كلام الحافظ الذهبي في البزي حين قال: " وهو إمام في القراءة ثبت فيها ".

وذكر الإمام ابن الجزري رواية جماعة كثيرين ثقات عن البزي حديث التكبير حتى رفع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، وذكر منهم: أحمد بن فرح، وإسحاق الخزاعي، والحسن بن الحباب، وذكر عدداً كبيراً ممن رَوَوْا الحديث عن البزي مرفوعًا (17).

وقد صحّ التكبير عند ختم المصحف الشريف عند القراء، فقد روي عن ابن كثير المكي القارئ المعروف من روايتي البزي وقنبل وغيرهما، وروي عن السوسي عن أبي عمرو، وأما البزي فلم يختلف عنه فيه.

واختلف عن قنبل، فجمهور المغاربة لم يرووه عنه.

ولكن جمهور العراقيين رووه عنه.

وأما السوسي فقطع له به أبوالعلاء في غايته من جميع طرقه، ولم يذكر له فيه خلاف، وقطع له به التجريد من طريق أبي حبش وذلك، من أول: " ألم نشرح " (18).

وقد قال في ذلك الحافظ ابن الجزري: " فاعلم أن التكبير صحّ عند أهل مكة: قرائهم، وعلمائهم، وأئمتهم، ومن روى عنهم، صحة استفاضت، واشتهرت، وذاعت، وانتشرت حتى بلغت التواتر، وقد صار على هذا العمل عند أهل الأمصار في سائر الأقطار عند ختمهم في المحافل، واجتماعهم في المجالس لدى الأماثل، وكثير منهم يقوم به في صلاة رمضان ولا يتركه عند الختم على أي حال كان " (19).

وقال مكي بن أبي طالب: " وروي أن أهل مكة كانوا يكبرون في آخر كل ختمة من خاتمة "والضحى" لكل القراء لابن كثير وغيره، سنةً نقلوها عن شيوخهم " (20).

وقال الأهوازي: " والتكبير عند أهل مكة في آخر القرآن سنة مأثورة يستعملونه في قراءتهم في الدروس والصلاة " (21).

وقد ثبت التكبير العام أيضاً عن الدينوري، وهو إمام متقن ضابط، قال عنه أبوعمرو الداني: " متقدم في علم القراءات، مشهور بالإتقان، ثقة مأمون " (22).

وخلص ابن الجزري عن التكبير أنه ثابت بدلائل مستفيضة، جاءت من آثار مروية، ورد التوقيف بها عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأخبار مشهور مستفيضة، جاءت عن الصحابة والتابعين والخالفين، وقال أبوالفتح فارس بن أحمد: " لا نقول: إنه لا بد لمن ختم أن يفعله، لكن من فعله فحسن، ومن لم يفعله فلا حرج عليه، وهو سنة مأثورة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وعن الصحابة والتابعين ".

ثم ذكر سنده – رحمه الله - إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – في إثبات التكبير ثم قال: " هذا حديث جليل، وقع لنا عالياً جداًّ، بيننا وبين البزي فيه من طريق المخلص سبعة رجال ...

ثم قال الداني: وهذا أتم حديث روي في التكبير، وأصح خبر جاء فيه، وأخرجه الحاكم في صحيحه المستدرك عن أبي يحيى بن محمد بن عبدالله ابن يزيد الإمام بمكة عن محمد بن علي بن زيد الصائغ عن البزي، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجه البخاري ولا مسلم " (23).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير