تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحافظ أبوالعلاء الهمداني: " لم يرفع أحد التكبير إلا البزي؛ فإن الروايات قد تضافرت عنه برفعه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم _، ورواه الناس، فوقفوه على ابن عباس ومجاهد"، ثم ساق الروايات برفعه إياها، ومدارها كلها على البزي (24).

خامساً: حكم التكبير عند ختم المصحف الشريف عند الفقهاء (25):

وأما حكم التكبير عند الفقهاء فلم أجد كلاماً للحنفية ولا للمالكية فيه، وأما عند الشافعية فلم أجد كلاماً لهم إلا ما ذكره الحافظ ابن الجزري من أنه قد ثبت التكبير في الصلاة عن أهل مكة: فقهائهم وقرائهم، وثبت عن الإمام الشافعي، وقال به سفيان بن عيينة، وابن جريج، وابن كثير.

ثم إنه لم يجد نصاًّ في كتب فقهاء الشافعية المطولة، ولا المختصرة مع ثبوته عن إمامهم الإمام الشافعي، وإنما ذكره – استطراداً – أبوالحسن السخاوي، والإمام أبوإسحاق الجعبري، وكلاهما من أئمة الشافعية، والعلامة أبوشامة، وهو من أكبر أصحاب الشافعي، الذي كان يفتي بقولهم في عصرهم بالشام، وهو ممن وصل إلى رتبة الاجتهاد، وحاز وجمع من أنواع العلوم ما لم يجمعه غيره، خصوصاً في علوم الحديث والقراءات والفقه والأصول (26).

وقد ذكر الإمام ابن الجزري: أنه رأى كتاب " الوسيط " تأليف الإمام الكبير شيخ الإسلام أبي الفضل عبدالرحمن بن أحمد الرازي الشافعي – رحمه الله – وفيه ما هو نص علىالتكبير في الصلاة، وقد تتبع كلام الفقهاء من الشافعية، فلم ير لهم نصًّا في غير ما ذُكر ... (27).

وقد تتبع الباحث كتب الفقهاء فلم يجد للحنفية ولا للمالكية (28)، ولا للشافعية – غير ما ذكر من نص ابن الجزري المتقدم – يبين حكم التكبير عند ختم المصحف الشريف، ولا كيفيته.

أما عند الحنابلة فقد ذكر حكم التكبير عند ختم المصحف الشريف صراحة الشيخ البهوتي بقوله: " ويكبر إذا ختم ندبًا لآخر كل سورة، من سورة الضحى إلى آخر القرآن، فيقول: الله أكبر فقط " (29).

فقوله " ندبًا ": هو تصريح بحكم التكبير عند ختم المصحف الشريف. وذكر الإمام ابن مفلح في الفروع روايتين (30).

الرواية الأولى: استحباب التكبير؛ مطلقًا حيثما ثبت التكبير عند ختم المصحف الشريف عند إمام من أئمة القراءة.

الرواية الثانية: استحباب التكبير لرواية ابن كثير فقط.

والذي يبدو أن الرواية الأولى هي الرواية الأصح؛ لأننا إذا نظرنا إلى ثبوت التكبير عند القراء فنجده ثابتاً عند ابن كثير، وعند غيره من القراء، ومعلوم أن التكبير إنما يعرف من جهة الرواية، وإثباته يكون عن طريقها، فتفضيل رواية ثابتة على رواية أخرى ثابتة غير مقبول عند القراء.

ومن هذا القبيل تفضيل بعض الفقهاء رواية حفص على قراءة حمزة مثلاً وخاصة في موضوع الإمالة في قراءته، فهذا التفضيل لا مدخل له في القراءة، فإن الأحرف السبعة وما تبقى منها إنما أنزل رخصة وتخفيفاً على الأمة، وبأيها قرأ المسلم، فهو مصيب، وليس للرأي والاجتهاد مدخل في القراءة، هذا هو المذهب المستقر عند القراء، فلا يجوز إثبات قراءة إلا بالنص والرواية المتواترة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -.

وقد قال الإمام الشاطبي:

وما لقياس في القراءة مدخَلٌ فدونك ما فيه الرضا متكفِّلا (31).

ثم فرَّع ابن مفلح على المسألة السابقة – وهي الأصل – مسألة أخرى متعلقة ببداية ونهاية التكبير، وأورد فيه روايتين (32).

الرواية الأولى: أن القارىء يكبر آخر كل سورة، من آخر سورة الضحى، إلى آخر سورة الناس، فيكون آخر تكبير عند نهاية سورة الناس، وهو الصحيح.

ونص عبارة ابن قدامة في المغني: " واستحسن أبوبكر التكبير عند آخر كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن؛ لأنه روي عن أبي بن كعب – رضي الله عنه – أنه قرأ على النبي – صلى الله عليه وسلم – فأمره بذلك رواه القاضي في الجامع " (33).

الرواية الثانية: يكبر من أول ألم نشرح، إلى أول الناس، فينتهي التكبير على هذه الرواية عند الانتهاء من سورة الفلق، واختاره المجد ابن تيمية.

وقد رجّح الإمام ابن مفلح الرواية الأولى؛ بناء على أن الخلاف راجع لاختلاف القراء في ذلك، وأن المحققين اختاروا أن يكبر القارئ من آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس (34).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير