وقيل: بأن سبب التكبير هو رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها حينما نزل بسورة (والضحى)، ودنا إليه، وتدلى منهبطاً عليه، وهو بالأبطح، فأوحى إلى عبده ما أوحى، قال: قال له: هذه السورة، قال الحافظ ابن الجزري – تعقيباً على هذا السبب-:"وهذا قول قوي جيد؛ إذ التكبير إنما يكون غالباً لأمر عظيم أو مهول" (5).
وقيل: إن التكبير كان لزيادة التعظيم لله تعالى مع التلاوة لكتابه، والتبرك بختم وحيه وتنزيله، والتنزيه له من كل سوء، قاله مكي بن أبي طالب، وهو نحو قول علي رضي الله عنه: " إذا قرأت القرآن فبلغت قصارى المفصل (6) فكبّر الله، فكأن التكبير شكر لله، وسرور، وإشعار بالختم (7).
وذكر القراء في مناسبة التكبير من أول أو آخر سورة الضحى: أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفتر تلك المدة وجاءه الملك فأوحى إليه (والضحى. والليل إذا سجى ... ) السورة بتمامها كبّر فرحاً (8).
سابعاً: لفظ التكبير عند ختم المصحف الشريف:
أما لفظه: فهو " الله أكبر "، ويجوز التهليل والتحميد معه عند حفص من طريق طيبة النشر، وكذلك لباقي القراء العشرة عند سور الختم من آخر الضحى إلى آخر المصحف الشريف إذا قصد تعظيمه على رأي بعض المتأخرين، كالشيخ علي الضباع.
قال الشيخ المرصفي: " وهو رأي حسن. ولا التفات إلى من أنكر التهليل والتحميد مع التكبير عند سور الختم في رواية حفص، فقد أجازه له غير واحد من الثقات" (9).
ولذكر التهليل والتحميد مع التكبير طريقان:
1 - يقدم لفظ التهليل على التكبير، بأن يقول القارئ: " لا إله إلا الله والله أكبر".
2 - يقدم لفظ التهليل على التكبير، ويؤخر لفظ التحميد عن التكبير، بأن يقول القارئ: " لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد " دفعة واحدة بلا فصل التهليل عن التكبير، ولا التكبير عن التحميد، ولا الإتيان بالتحميد بعد التكبير من غير التهليل، بل توصل كلها دفعة واحدة.
قال الحافظ ابن الجزري: " التهليل مع التكبير مع الحمدلة – عند من رواه – حكمه حكم التكبير، لا يفصل بعضه عن بعض، بل يوصل جملة واحدة، كذا وردت الرواية، وكذا قرأنا، لا نعلم في ذلك خلافاً".
وقال: "ترتيب التهليل مع التكبير والبسملة على ما ذكرنا لازم، لا يجوز مخالفته، كذلك وردت الرواية، وثبت الأداء".
" لا تجوز الحمدلة مع التكبير إلا أن يكون معه التهليل، كذا وردت الرواية، ويمكن أن يشهد لذلك ما قاله ابن جرير: كان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال: " لا إله إلا الله " يتبعها " بالحمد لله "؛ عملاً بقوله: (فادعوه مخلصين له الدين) (10) الآية، ثم روي عن ابن عباس: من قال: " لا إله إلا الله " فليقل على إِثْرِهَا (الحمد لله رب العالمين) (11)، وذلك قوله: (فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) (غافر: 65) " (12).
ثامناً: محل التكبير:
محل التكبير قبل البسملة، وقد اختلف أهل الأداء في التكبير عامة:
أولاً: التكبير العام: وهو التكبير من أول كل سورة من أول الفاتحة إلى آخر القرآن الكريم قبل البسملة سوى أول سورة براءة، وهو ما يعرف بالتكبير العام، أي: العام لكل سور القرآن ما عدا سورة براءة، فلا تكبير في أولها. وسبب ترك التكبير في أول براءة: أن التكبير لا بد من اقترانه بالبسملة مقدماً عليها، وقد تقدم أن براءة نزلت بدون بسملة؛ ولذلك امتنع التكبير في أولها باتفاق.
ثانياً: التكبير الخاص (13): وهو التكبير الخاص بسور الختم من سورة (والضحى) إلى سورة (الناس)، وللقراء في التكبير الخاص مذهبان:
المذهب الأول: التكبير من أول سورة: " ألم نشرح لك صدرك"، وما بعدها، وقبل البسملة، وينتهي التكبير – على هذا المذهب- عند بداية سورة "الناس" قبل البسملة.
المذهب الثاني: التكبير من آخر سورة " والضحى"، وما بعدها إلى آخر سورة الناس، أي: أن التكبير على هذا المذهب يكون بعد الانتهاء من سورة الناس، ثم يبدأ بقراءة سورة الفاتحة، وخمس آيات من سورة البقرة، وهو حال المرتحل كما نص عليه القراء، أي أنه يختم ثم يعود مرة أخرى إلى ختمة جديدة (14).
¥