قال إسحاق: وأما المصلي وحده وهو ينظر في المصحف أو يقلب الورق أو يقلب له، وكل ما كان من ذلك حين إرادة أن يختم القرآن، أو يؤم قوماً ليسوا ممن يقرؤن، فهو سنة، كان أهل العلم عليه، وقد (فعلته) عائشة رضي الله عنها، ومن بعدها من التابعين اقتدوا بفعالها، ولم يجئ ضده عن أهل العلم، وإن قلب له الورق كان أفضل، وإن لم يكن له قلب هو لنفسه.
-
- -
[2/ 887 - 897]
قال إسحاق: نظرنا اختلاف الروايات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في التقصير في إقامته وفي أسفاره وفي ظعنه حين يقصد إلى الحرب، وما أجاب السائلين في التقصير في السفر فوجدنا ألفاظاً تكون في الظاهر ينقض بعضه بعضاً، ولكن المذهب في ذلك ائتلاف معانيها وتصرف علتها عن معانيها على تحقيق إرادته والله سبحانه وتعالى أعلم.
من ذلك ما أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة سبعة عشر، أو تسعة عشر يقصر وبتبوك عشرين ليلة يقصر، وقصد للحج في العشر صبح أربع ليال خلون فقصر إلى خروجه إلى منى وبمنى، وحكى عمران بن حصين- رضي الله عنه-: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحججت معه فلم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة، وكذلك فعل أبو بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم-.
وقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن التقصير؟
فقال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من منزله إلى مكة لا يزال يصلي ركعتين حتى ينصرف.
وكذلك كتب إلى ابن عمر -رضي الله عنهم- أنا بفارس نقيم لسنتين والثلاث فكم أصلي؟
قال ابن عمر -رضي الله عنه-: كان إذا خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من منزله إلى مكة صلى ركعتين حتى يرجع.
وأشباه ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بعده -رضي الله عنهم-، يذكر عنهم كنحو ما وصفنا من إجماع إقامة على عشر واثنتي (عشرة) ليلة. (وخمس عشرة) ليلة وعشرين ليلة ومن بعدهم من التابعين مثل ذلك أيضاً.
ومنهم من قال: فأربعة أيام فقط. وأكثر أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين على أنهم كانوا يقيمون في أسفارهم الأشهر والسنة والسنتين لا يصلون إلا ركعتين.
فنرى- والله سبحانه وتعالى أعلم-: أن حجة الأوائل أن الرجل إذا خرج مسافراً من أهله لا يريد التوطن ببلدة يمر بها ولا مقام له حيث قصد إليه حتى يرجع إلى منزله أن يصلي ركعتين، وإن طال مقامه في مصر شهراً، أو أكثر أو أقل؛ لأن ذلك المقام ليس بتوطن ولا اختيار دار، فإذا لم يقل العالم بهذا القول بعدل؛ فلأن يقول: كل مسافر قدم بلدة فأجمع الإقامة بها أياماً لا يشخص، فمتى يقضي نهمته من إقامة قلّ أم كثر، أن يصلي صلاة المقيم؛ لأن اسم الإقامة وإجماعها قد وقع عليه.
وهذا أحب الأقاويل إليّ أن يؤخذ بها؛ لأن في ذلك يجمع الاختلاف والاختباط إذا اختلفوا في توقيت الإقامة بمصر، وقد أجمعوا كلهم على أن المقيم يتم الصلاة، فالأخذ بما اجتمعوا عليه حتى يتبين ما اختلفوا أولى، من غير أن يعيب اقتداء أهل العلم وقت أربعاً أو عشراً أو اثنتي عشرة ليلة.
فأما إذا قدم فأقام يوماً أو يومين أو أكثر لانتظار إبله أو الذين هم معه وأوليا (؟) كان أو غيره لم يجمعوا على إقامة بينة، وإن التقصير لهم مباح. لا شك في ذلك، مع أن هؤلاء الذين باينونا فيما وصفنا من الإجماع على الإقامة وإن قلت، أو على طول المقام بالأسفار، قالوا: كلما أقام ببلدة مع أمير قد غزا بهم، وإن كان مقامهم لتجارة في سفرهم ذلك فأقاموا شهراً أو شهرين، أو سنة أو سنتين أو أكثر بعد؛ إذ لم يجمعوا على إقامة خمسة عشر، فإنهم يقصرون الصلاة. منهم الثوري وأصحاب الرأي ومن لحق بهم وفيما اجتمعوا تصديق ما أنكروا من قولنا.
-
- -
[5/ 2200، 2001]
قلت: يذبح أهل الكتاب للمسلمين؟
قال: أما النسك فلا، وأما [ما] سوى ذلك فلا بأس.
قال إسحاق: لا يذبح أضحية ولا غيرها للمسلمين، فإذا ذبحها لنفسه وسمى غير الله -عز وجل- أكلتُه إذا لم أسمع منه ذلك.
-
- -
[5/ 2477، 2478]
قال إسحاق: وأما ما سألت عن الحالف (متى زوج) ابنته من فلان فامرأته طالق، فغاب الأب فزوجها الأخ فلما رجع [الأب] لم يرض ما زوج ابنه أيلزم الأب اليمين؟
[قال]: فإن ذلك لا يلزمه إذا كانت الإرادة عند عقد اليمين (أن لا) يزوجها منه، ولا يحتل بعد ذلك بهذه الغيبة لكي يزوجها، فإنه لا يقع عليه طلاق (امرأته).
¥