تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأجاب ابن نجيم من الحنفية عن معظم هذه الاعتراضات فقال: (وقول النووي أيضا ترجيحا لحديث بسرة بأن حديث طلق منسوخ؛ لأن قدومه على النبي كان في السنة الأولى من الهجرة ورسول الله يبني مسجده، وراوي حديث بسرة أبو هريرة، وإنما قدم أبو هريرة على النبي سنة سبع من الهجرة؛ فغير لازم؛ لأن ورود طلق إذ ذاك، ثم رجوعه لا ينفي عوده بعد ذلك، وهم قد رووا عنه حديثا ضعيفا من مس ذكره فليتوضأ، وقالوا سمع من النبي الناسخ والمنسوخ، ولأن حديث طلق غير قابل للنسخ؛ لأنه صدر على سبيل التعليل، فإنه عليه الصلاة والسلام ذكر أن الذكر قطعة لحم؛ فلا تأثير لمسه في الانتقاض، وهذا المعنى لا يقبل النسخ، كذا في معراج الدراية ...

وقول النووي أيضا إن حديث طلق محمول على المس فوق حائل؛ لأنه قال سألته عن مس الذكر في الصلاة، والظاهر أن الإنسان لا يمس ذكره في الصلاة بلا حائل، مردود بأن تعليله بقوله: "هل هو إلا بضعة منك" يأبى الحمل). ()

قلت: ولا شك أن حديث طلق هذا مما اختلف فيه الحفاظ اختلافا بينا، فمنهم من صححه، ومنهم من حسنه، ومنهم من ضعفه، وبعضهم ادعى فيه النسخ، وآخرون منعوا نسخه وأوجبوا العمل به، وجماعة رجحته على حديث بسرة، وأخرى جعلت الرجحان لحديث بسرة.

قال الحافظ ابن حجر معلقا على هذا الحديث: (رواه أحمد، وأصحاب السنن، والدارقطني، وصححه عمرو بن علي الفلاس، وقال: هو عندنا أثبت من حديث بسرة، وروي عن ابن المديني أنه قال: هو عندنا أحسن من حديث بسرة، والطحاوي، وقال: إسناده مستقيم غير مضطرب؛ بخلاف حديث بسرة، وصححه أيضا ابن حبان والطبراني وابن حزم، وضعفه الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي، وادعى فيه النسخ ابن حبان والطبراني وابن العربي والحازمي وآخرون، وأوضح ابن حبان وغيره ذلك والله أعلم، وقال البيهقي: يكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق أن حديث طلق لم يخرجه الشيخان، ولم يحتجا بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته إلا أنهما لم يخرجاه للاختلاف فيه على عروة وعلى هشام بن عروة، وقد بينا أن ذلك الاختلاف لا يمنع من الحكم بصحته وإن نزل عن شرط الشيخين، وتقدم أيضا عن الإسماعيلي أنه ألزم البخاري إخراجه لإخراجه نظيره في الصحيح). ()

قلت: ومما يوضح لك اختلاف المحدثين في حديث طلق هذا أنه قد تناظر في الوضوء من مس الذكر علي بن المديني، ويحيى بن معين؛ بحضرة أحمد بن حنبل؛ فاختلفوا في الحكم على هذا الحديث، حتى احتجوا بأقوال الصحابة وتركوا المرفوع، إما لعدم صحته عندهم، وإما للتعارض وعدم ظهور الراجح؛ فقد أخرج البيهقي بسنده عن رجاء بن مرجا الحافظ قال: (اجتمعنا في مسجد الخيف، أنا، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين؛ فتناظروا في مس الذكر؛ فقال يحيى بن معين: يتوضأ منه، وتقلد علي بن المديني قول الكوفيين، وقال به، واحتج ابن معين بحديث بسرة بنت صفوان، واحتج علي بن المديني بحديث قيس بن طلق، وقال ليحيى: كيف تتقلد إسناد بسرة ومروان بن الحكم أرسل شرطيا حتى رد جوابها إليه؟ فقال يحيى: ثم لم يقنع ذلك عروة حتى أتى بسرة؛ فسألها، وشافهته بالحديث، ثم قال يحيى: ولقد أكثر الناس في قيس بن طلق، وأنه لا يحتج بحديثه؛ فقال أحمد بن حنبل: كلا الأمرين على ما قلتما؛ فقال يحيى: عن مالك عن نافع عن ابن عمر: يتوضأ من مس الذكر؛ فقال علي: كان ابن مسعود يقول: لا يتوضأ منه، وإنما هو بضعة من جسدك؛ قال: فقال يحيى: هذا عمن؟ فقال: عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله، وإذا اجتمع ابن مسعود، وابن عمر، واختلفا؛ فابن مسعود أولى أن يتبع؛ فقال له أحمد بن حنبل: نعم، ولكن أبا قيس الأودي لا يحتج بحديثه؛ فقال علي: حدثني أبو نعيم ثنا مسعر عن عمير بن سعيد عن عمار قال: لا أبالي مسسته أو أنفي؛ فقال يحيى: بين عمير بن سعيد وعمار بن ياسر مفازة، أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ثنا علي بن عمر الحافظ ثنا محمد بن الحسن النقاش ثنا عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي؛ فذكره بإسناده وبعض معناه، وقال في آخره في حديث عمير بن سعيد عن عمار؛ فقال أحمد: عمار وابن عمر استويا؛ فمن شاء أخذ بهذا ومن شاء أخذ بهذا، قال الشيخ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير