تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

: قد روينا عن علي بن المديني أنه قال: في حديث بسرة سماع عروة منها كما قال يحيى بن معين وكأنه رجع في ذلك إلى قول يحيى، وتقليد حديث بسرة). ()

الدليل الثاني: حديث أبي ليلى قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأقبل الحسن يتمرغ عليه؛ فرفع عن قميصه، وقبل زبيبته. ()

واعترض من أوجه:

الأول: أنه ضعيف.

الثاني: احتمال أن تقبيله صلى الله عليه وسلم لزبيبة الحسن رضي الله تعالى عنه كان فوق حائل.

الثالث: أنه ليس في الحديث أنه مس زبيبته ببطن كفه، ولا ينقض غير بطن الكف عند أصحاب القول المعارض.

الرابع: أنه ليس فيه أنه صلى بعد مس زبيبته ببطن كفه ولم يتوضأ. ()

الدليل الثالث: القياس على بقية الأعضاء: وذلك أن الذكر إنما هو عضو كسائر أعضاء الإنسان؛ فيقاس عليها في عدم نقض الوضوء بمسها.

قال السرخسي: ( .. فإما أن يكون طاهرا أو نجسا، وليس في مس شيء من الطاهرات ولا من النجاسات وضوء، ولو مس ما يخرج منه لم ينتقض به وضوءه، وإقامة السبب الظاهر مقام المعنى الخفي عند تعذر الوقوف على الخفي، وذلك غير موجود هنا؛ فإن المني يرى ويشاهد). ()

واعترض عليه ابن قدامة رحمه الله تعالى فقال: (وقياس الذكر على سائر البدن لا يستقيم؛ لأنه تتعلق به أحكام ينفرد بها من وجوب الغسل بإيلاجه والحد، والمهر، وغير ذلك). ()

واعترض النووي على قياسهم هذا من وجهين:

الأول: أنه قياس ينابذ النص فلا يصح.

الثاني: أن الذكر تثور الشهوة بمسه غالبا، بخلاف غيره. ()

الدليل الرابع: أن هذا مما تعم به البلوى؛ فلو ثبت الأمر بالوضوء منه لاشتهر، ولما جهله ابن مسعود، ولا غيره من الصحابة، والتابعين، والعلماء. ()

واعترض عليه ابن حزم فقال: (وهذه حماقة، وقد غاب عن جمهور الصحابة رضي الله عنهم الغسل من الإيلاج الذي لا إنزال معه، وهو مما تكثر به البلوى ..

ورأى أبو حنيفة الوضوء من الرعاف، وهو مما تكثر به البلوى، ولم يعرف ذلك جمهور العلماء ...

ورأى الوضوء من ملء الفم من القلس، ولم يره من أقل من ذلك، وهذا تعظم به البلوى، ولم يعرف ذلك أحد من ولد آدم قبله، ومثل هذا لهم كثير جدا ...

ومثل هذا من التخليط لا يعارض به سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مخذول). ()

قلت: وهو كما قال رحمه الله تعالى؛ فإن عدم معرفة بعض الصحابة لبعض الأحاديث لا ينفي وجودها، ولا يُعترض على الحديث الصحيح بمثل هذه الأقاويل. والله تعالى أعلم.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: حديث بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مس ذكره فليتوضأ. ()

قال ابن حزم: ولفظ هذا الحديث عام يقتضي كل ما ذكرناه. ()

وفي الباب عن جابر، وأم حبيبة، وأبي أيوب، وأبي هريرة، وزيد بن خالد، وأروى بنت أنيس.

لكن أحاديثهم لم تسلم من النقد، فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (فأما حديث أم حبيبة: فأخرجه ابن ماجة من طريق العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عنها بلفظ: "من مس فرجه فليتوضأ" ورجاله ثقات حتى قال أبو زرعة فيما حكاه الترمذي: إنه أصح شيء في هذا الباب، ولكنه أعل بالانقطاع؛ فإن البخاري قال: لم يسمع مكحول من عنبسة، وكذا أسند الطحاوي عن أبي مسهر، وأما حديث أبي أيوب: فأخرجه ابن ماجة أيضا، وفي إسناده إسحاق بن أبي فروة، وهو ضعيف، وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه أحمد، والشافعي، والطبراني، وابن حبان واللفظ له، والحاكم، والدارقطني، من رواية يزيد النوفلي، زاد الشافعي ونافع بن أبي نعيم كلاهما عن المقبري عن أبي هريرة بلفظ: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حائل فليتوضأ" ويزيد ضعيف، ونافع فيه لين، وأما حديث أروى بنت أنيس: فأخرجه الدار قطني في العلل، وإسناده ضعيف ..

وأما حديث جابر فأخرجه الشافعي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنه بلفظ: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ" قال الشافعي: سمعت جماعة من الحفاظ يروونه لا يذكرون فيه جابرا انتهى وأخرجه ابن ماجة والطحاوي من هذا الوجه موصولا بلفظ: "إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء" ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير