تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعاً: اعتماده على تابعي المدينة فإنها العاصمة الإسلامية التي استقرت بها آثار رسول الله وتلقاها الجمّ الغفير عن مثلهم، فقد تلقى التابعون وهم وفرة عن الكثير من أصحاب رسول الله وهذه الارتكازات هي التي نراها ماثلة في "موطأ" يحيى بن يحيى الليثي وأظن أن المثال الذي أوردناه عن العنصر الثالث من المقارنة وألمحنا إليها في هذا العنصر من كون يحيى بن يحيى الليثي جمع في نقل واحد لابن عمر ما أورده ابن زياد في نقلين يؤكد ما ذهب إليه الشيخ محمد الشاذلي النيفر وغيره من العلماء القدامى والمحدثين من أن الصورة الأخيرة "للموطأ" لا تشتمل إلا على القواعد.

أما "موطأ" ابن زياد فقد ذكرنا من قبل أنه يحتوي في "كتاب الضحايا" وحتى في غيره من الكتب أحاديثاً وآثاراً، ويزيد على "موطأ" الليثي بالأجوبة عن المسائل التي سئل عنها مالك. ومن هنا نستنتج أن "موطأ" ابن زياد ذا طابع خاص نقل فيها آراء ابن مالك تمثل مذهبه واجتهاده، بينما "موطأ" يحيى وإن احتوت على بعض آراء مالك فإن هذه الآراء لا تتعدى حد الاختيار للآثار وتقديم بعضها على بعض ولنا في "باب ما ينهى عنه من الضحايا" من "كتاب الضحايا" من "موطأ" يحيى مثال على ذلك: «عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسن والتي نقص من خلقها». بعد هذه الرواية يذكر قولة مالك: «قال مالك وهذا أحب ما سمعت إليّ». فهذا الرأي ليس من باب الاجتهاد بل هو ما استقر عليه مالك وما اختار من الخلاف كما ذكر الشيخ محمد الشاذلي النيفر.

5. ولزيادة الربط بين نصوص المذهب المالكي قديمها ويمثلها "موطأ" ابن زياد وحديثها ويمثلها "موطأ" الليثي فإننا سنذكر أمثلة لأحاديث اختلفا في روايتها من حيث اللفظ.

أمثلة من الأحاديث المتفقة في الروايتين

أ - الأثر الخامس في "موطأ" ابن زياد من "كتاب الضحايا" حدثنا عن نافع «أن ابن عمر لم يكن يضحي عمّا في بطن امرأته».

جاء هذا الحديث في "موطأ" يحيى بنفس الألفاظ تحت عنوان "الضحية عما في بطن المرأة وذكر أيام الأضحى" ([13]).

ب - الحديث التاسع من "موطأ" ابن زياد: «عن مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أنه قال: نحرنا مع رسول الله عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة». ورد هذا الحديث في "موطأ" يحيى بن يحيى الليثي كما هنا تحت باب "الشركة وعن كم تذبح البقرة والبدنة" ([14]).

ج - الحديث الثاني عشر من "موطأ" ابن زياد: عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم: أن عويمر بن الأشقر ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الضحى وأنه ذكر ذلك لرسول الله فأمره أن يعود بضحية أخرى. أتى هذا الحديث في "موطأ" يحيى بن يحيى الليثي تحت عنوان "النهي عن ذبح الضحية قبل انصراف الإمام" ([15]).

أمثلة من الأحاديث التي اختلف الكثير من ألفاظها في الروايتين

1. الحديث الخامس عشر من "موطأ" ابن زياد: «عن مالك عن عبد الله ابن أبي بكر بن عبد الله أنه قال: نهى رسول عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. قال عبد الله ابن أبي بكر: فذكرت ذلك لعمرة ابنة عبد الرحمان فقالت: صدق سمعت عائشة زوج رسول الله تقول: دفّ ([16]) من أهل البادية حضر الأضحى في زمان رسول الله فقال رسول الله: ادخروا الثلاث وتصدقوا بما بقي. قالت: فلما كان بعد ذلك قيل: يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون بضحاياهم ويجملون منه الودك ([17]) ويتخذون منها الاسقية، فقال رسول الله: وما ذاك أو كما قال، قالوا: يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث، فقال رسول الله: إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفّت عليكم فكلوا وتصدقوا وأخروا». جاء هذا الحديث في "موطأ" يحيى بن يحيى الليثي تحت عنوان "ادخار لحوم الأضاحي" ([18]).

وهناك اختلاف بين النصين: نشير أولاً إلى ما جاء في "الموطأ" الزيادي ثم إلى ما جاء في "موطأ" يحيى بن يحيى الليثي:

"موطأ" ابن زياد

"موطأ" يحيى بن يحيى الليثي

بعد ثلاث

بعد ثلاثة أيام

ابنة عبد الرحمان

بنت عبد الرحمان

يا رسول الله

لرسول الله

وما ذاك

وما ذلك

نهيت عن إمساك لحوم الضحايا

نهيت عن لحوم الضحايا

كما توجد زيادة في "موطأ" يحيى بن يحيى الليثي وهي: يعني بالدافة قوماً مساكين قدموا المدينة. ونص الحديث كما ورد في "الموطأ" رواية الليثي هو كالآتي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير