تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عمر الدوسري السلفي]ــــــــ[14 - 08 - 10, 01:39 ص]ـ

يقول الشيخ محمد الحمد في كتابه القضاء والقدر:

لهذا اشتهر المذهب الأشعري _ بناءاً على مقالتهم تلك _ بنظرية الكسب التي صارت علماً عليهم، فما معنى الكسب عندهم؟

للكسب عندهم تعريفات أهمها:

1_ أنه ما يقع به المقدور من غير صحة انفراد القادر به (1).

2_ أنه ما يقع به المقدور في محل قدرته (2).

3_ أنه ما وجد بالقادر، وله عليه قدرة محدثة (3).

ويضرب بعضهم للكسب مثلاً =في الحجر الكبير قد يعجز عن حمله رجل، ويقدر آخر على حمله منفرداً به، إذا اجتمعا جميعاً على حمله كان حصول الحمل بأقواهما، ولا خرج أضعفهما بذلك من كونه حاملاً.

كذلك العبد لا يقدر على الانفراد بفعله، ولو أراد الله الانفراد بإحداث ما هو كسب للعبد قدر عليه، وَوُجِدَ مقدوره؛ فوجوده على الحقيقة بقدرة الله _تعالى_ ولا يخرج _ مع ذلك _ المُكْتَسبُ من كونه فاعلاً، وإن وجد الفعل بقدرة الله _تعالى_+ (4).

وهكذا تؤول هذه النظرية جبرية خالصة _كما مر_، ويبقى الخلاف بينهم وبين الجبرية خلافاً لفظياً بل طريقتهم أكثر غموضاً.

أما حقيقتها النظرية الفلسفية فقد عجز الأشاعرة عن فهمها فضلاً عن إفهامها غيرهم، ولهذا قيل:

مما يقال ولا حقيقة تحته ... معقولة تدنو إلى الأفهام

الكسب عند الأشعري والحال عنـ ... ـد البهشمي وطفرة النَّظَّام اهـ

وقد دار حول الكسب جدال طويل، ولم ينته الأشاعرة فيه إلى قول مستقيم (5).

ومن الأشاعرة من يرى أن الفعل واقع بقدرة العبد، وأن العبد له كسب، وليس مجبوراً، وهذا هو قول الباقلاني (2).

يقول ×:= ويجب أن يعلم أن العبد له كسب، وليس مجبوراً، بل مكتسب لأفعاله من طاعة ومعصية؛ لأنه _ تعالى _ قال: [لَهَا مَا اكْتَسَبَتْ] سورة البقرة: 286، يعني من ثواب طاعةٍ، [وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ] سورة البقرة: 286، يعني من عقاب معصية.

وقوله: [بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس] الروم:41، وقوله: [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيْبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ] سورة الشورى:30، وقوله: [وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً] سورة فاطر: 45.

ويدل على صحة هذا أن العاقل منا يفرق بين تحرك يده جبراً، وسائر بدنه عند وقوع الهم به، أو الارتعاش وبين أن يحرك هو عضواً من أعضائه قاصداً إلى ذلك باختياره؛ فأفعال العباد هي كسب لهم، وهي خلق الله _ تعالى _ فما يتصف به الحق لا يتصف به الخلق، وما يتصف به الخلق لا يتصف به الحق، وكما لا يُقال لله _ تعالى _ إنه مكتسب، كذلك لا يُقال للعبد: إنه خالق+ (6).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

(1) الإنسان هل هو مسير أم مخير د. فؤاد عقلي ص11.

(2) شرح جوهرة التوحيد للباجوري ص219.

(3) المعتمد في أصول الدين لأبي يعلى الحنبلي ص128.

(4) أصول الدين للبغدادي ص133_134، وانظر القضاء والقدر للمحمود ص313.

(5) انظر القضاء والقدر للمحمود ص313، ومنهج الأشاعرة في العقيدة ص436، وباعث النهضة الإسلامية للهراس ص183_187.

(6) الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به للباقلاني ص70_71.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير