تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إثبات صفات النبي [صلَّى الله عليه وسلَّم] من غير تعطيل، وتعطيل صفات الله (تلك إذاً قسمةٌ ضيزى)!

ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[24 - 09 - 10, 05:17 ص]ـ

إثبات صفات النبي [صلى الله عليه وسلم] من غير تعطيل، وتعطيل صفات الله.

(تلكَ إذاً قسمةٌ ضيزى)!

الحمدُ للهِ المتفرِّدِ بكمالِ الخصائص، والمُنَزَّهِ عن كافَّةِ النقائص، والصَّلاةُ والسلامُ على نبيِّنا وحبيبنا وقُرَّةِ أعيننا محمدٍ، وعلى آله وأصحابهِ وأزواجِه ومن سار على دربه واقتفى أثرَه إلى يومِ الدين؛ أمَّا بعد:

فلا زلتُ أعجبُ مِنْ تلك اللَّوثةِ التي تولَّى كِبرَها المبتدعةُ السَّالفون، النَّاكبون عن سُنَّةِ الوحي والعقلِ المارقون، لوثةُ: (إثباتُ الصِّفاتِ للهِ - على وجهها المقطوعِ بهِ وروداً ودلالةً - يستلزمُ التشبيهَ والتجسيمَ و .... ) فجنحوا إلى تأويلها [تعطيلها!]، تديُّناً من بعضهم على غيرِ هدىً، ومشاقَّةً للهِ ورسولِهِ من آخرين.

وسَرَتْ هذه اللَّوثةُ وسارَ بها الرُّكبانُ، وانتشرت انتشارَ النارِ في الهشيم، فعرَّجتْ على كثيرٍ من صالحي القرنِ الرَّابعِ، والخامسِ، والسَّادس، والسابعِ ...... إلى يومِنا هذا، فرضعها الصغيرِ بالتلقين، وأُشربَها الغلام مع " الجَوْهرَة "، فأصبحَ كثيرٌ من العلماءِ - وكثيرٌ على خلافهم - على طرائقِ أهلِ الكلام في تقريرِ أصولِ الدِّين، وأبحروا في علومِ الآلةِ، وعلومِ الغايةِ؛ من عربيَّةٍ، وحديثٍ، وفقهٍ، وأصولٍ، وتفسيرٍ، وأدبٍ، وجعلوا هذا البابَ من المزالِقِ!

وهو - وفالقِ الحبِّ والنَّوى - مِنْ أشرفِ ما يُعلَم ويُدرك، فبه معرفةُ اللهِ كما أحبَّ لنا أن نعرفَه، بالقدرِ الذي أعْلَمَناه {ولا يحيطونَ بشيءٍ من علمِهِ إلاَّ بما شاءَ}؛ فنزداد معرفةً له، وحُبّاً، وشوقاً، وتعظيماً.

لَيْتَ شعري، كيفَ يناجي ربَّه مَنْ أدخَل على نفسِهِ اللَّوازِمَ الباطلَةَ من الجهةِ والتحيُّزِ ونحوها، وهو يقول: (اللهمَّ إني أسألكَ لذَّةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريم)؟ سبحانك ربِّي!

- مرَّ بي وأنا أقرأ كتابَ [فتح الباري (2/ 606) ط: دار طيبة] للحافظِ ابن حجرٍ رحمه الله رحمةً واسعة، في مسألةِ " تسوية الصُّفوف " عند قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (أقيموا صفوفَكم؛ فإني أراكم من ورائي)، وهل رؤيةُ النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أصحابَه من ورائهِ حقيقةٌ، أو مجازٌ قُصِدَ به العلم؟

قال - رحمه الله -: (والمختار حملها على الحقيقة).

وقال قبل ذلك (2/ 143): (والصَّوابُ المختار أنه محمول على ظاهره، وأنَّ هذا الإبصارَ إدراكٌ حقيقيٌّ خاصٌّ به صلى اللهُ عليه وسلَّم انخرقت له فيه العادة).

وقال الزَّينُ بن المُنَيِّرِ - رحمه الله -: (لا حاجةَ إلى تأويلها؛ لأنَّه [أي التأويل هنا] في معنى تعطيلِ لفظِ الشَّارعِ من غيرِ ضرورةٍ).

وقال القرطبيُّ - رحمه الله -: (بل حملها على ظاهرها أولى؛ لأنَّ فيه زيادةَ كرامةٍ للنبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -).

قلتُ: أيهما أولى بالقطعِ من جهةِ الدِّلالة:

قول النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (أقيموا صفوفَكم؛ فإني أراكم من ورائي) في الرؤية.

أو قول الله تبارك تعالى: {قال يا إبليسُ ما منعكَ أن تسجدَ لما خلقتُ بيديَّ} في صفةِ اليدين؟ أو قوله تعالى: {والله يحبُّ المحسنين} في صفةِ المحبَّة؟ ..... إلخ.

وهل - على عبارة الزَّين رحمه الله: لا حاجةَ إلى تأويلها؛ لأنَّه في معنى تعطيلِ لفظِ الشَّارعِ من غيرِ ضرورةٍ - وُجِدتْ ضرورةٌ لتأويلها بالنعمةِ أو القدرة؟ أو المحبَّة بإرادةِ الإحسان؟ ثم - على عبارته كذلك - أليس فيه تعطيل لفظ الشارع؟!

ألا يمكن أن يقولوا في قول النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (أقيموا صفوفَكم؛ فإني أراكم من ورائي):

1 - نقطع بعدم وجودِ عينين في خلفِ رأس النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

2 - ونقطع بعدمِ إمكان الإنسانِ - خِلْقَةً - أن يُبصرَ ما وراءَه من غيرِ التفاتٍ.

فوجبَ تأويل ذلك بالعِلمِ بحالِ مَن وراءَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

بل جعلوا ذلكَ سهلاً مقبولاً، أو معجزةً.

واللهَ الكاملَ المتفرِّدَ بالجلال والكمالِ خِلْواً مما وصفَ به نفسَه إلاَّ قليلاً؟!!

سبحانَ اللهِ، ما أضرَّ على الطالبِ دخول مهيعٍ نهى عنه السَّلَفُ.

فإلى مَنْ حادَ عن نهجِ السَّلفِ؛ بالتأويل، أو التجهيل، أو التعطيل أهمسُ في أذنَيْكَ:

أنبيُّنا محمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعَزُّ عليكم من اللهِ، واتخذتموه وراءَكم ظهريّاً؟!

اللهمَّ أحسنْ عاقبتنا في الأمورِ كلِّها، وأجرنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرة.

خليل الفائدة

سحر الجمعة 15/ 10 / 1431 هـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير