تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يُرسل السماء عليكم مدراراً .. ) وقال تعالى: (ولو أنَّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض…).

وفي كتاب المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان 2/ 280 بإسناد صححه الحافظ ابن حجر في الإصابة 10/ 382 عن سليم بن عامر الخبائري قال: ـ إنَّ السماء قحطت، فخرج معاوية وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمره معاوية فصعد على المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: (اللهم إنّا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنّا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يدك إلى الله، فرفع يديه، ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أنْ فارت سحابة في الغرب كأنها ترس، وهبت ريح، فسقتنا حتى كاد الناس أنْ لا يبلغوا منازلهم).

وأبلغ من هذا فعل عمر بن الخطاب الذي كان بجوار قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيعدل عنه إلى التوسل بالعباس لكونه حيّاً قادراً ـ أخرجه البخاري رقم: 1010 ـ.

وهذا الأثر مع ضعفه ونكارته، قد خالف هذه الوقائع الصحيحة الثابتة عن خير القرون بأجمعهم. فلو كان ما تضمنه هذا الأثر صحيحاً لفعلوه ولو مرّة لبيان الجواز، ومن المعلوم أنَّ المضطر يتعلق بأدنى ما يجده لكشف ضرّه، فلما لم يفعلوا ذلك مع وجود الدافع تبيّن بطلان هذا الأثر وسقوطه) أهـ.

ثم إنّك قلت "فالشاهد من القصة هو إتيان رجلٍ ما إلى القبر الشريف في زمن الصحابة وهم متوافرون" مستدلاً بهذا على جواز التوسل البدعي، فإنَّ هذا لا حجة فيه، قال الشيخ سليمان بن سحمان النجدي رحمه الله في كتابه: [الصواعق المرسلة الشهابية على الشبه الداحضة الشامية: ص196] رداً على من يحتجّون بهذا الحديث: (وليس فيه دلالة على جواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والتوسل به، والإلتجاء إليه، والاستغاثة به بل هو من جنس المنامات التي لا يعتمد عليها في الأحكام، ولا يثبت بها حكم شرعي) وقال أيضاً في صفحة: 106: (والحكايات والمنامات لا يثبت بها حكم شرعي ولا يسوغ مثل هذا إلاّ في دين النصارى، فإنَّ دينهم مبني على الحكايات والمنامات والأوضاع المخترعات. وأمّا دين الإسلام فهو محفوظ بالإسناد، فلا يثبت حكم شرعي إلاّ بكتاب الله عزّ وجلَّ، وبما صحّ الخبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم، واشتهر ذلك بنقل الثقات العدول المتفق على عدالتهم).

? وأما قولك: "ولا يضر كونه سيدنا بلال بن الحارث أو غيره" فعلى فرض أنّه صحابي، فإنَّ عبد السلام آل عبد الكريم قال في هذا كما في هامش صفحة 172 من كتاب الصواعق المرسلة: (ثمَّ لو سلّمنا جدلاً صحّة هذه الزيادة فلا حجة فيها لأنّها فعل صحابي خالف الأدلّة، وعارضه فعل الصحابة.

أما مخالفته للأدلة من الكتاب والسُّنّة فظاهر، وأما مخالفته لفعل الصحابة فقد ثبت عن عمر أنّه قال: اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبيّك فتسقينا، اللهم إنّا نتوسل إليك بعمّ نبيّنا فأسقنا، فيُسقون).

? وأما قولك: "فهذا إقرار من سيدنا عمر ومن الصحابة أجمعين على صحة فعل الرجل ومن يدعي غير ذلك فليثبت إنْ استطاع".؟!!

قال عبد السلام آل عبد الكريم: فإنْ قيل: إنَّ وجه الاحتجاج بالقصة عدم إنكار عمر على ذلك الرجل مجيئه إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

قيل: من أين لكم أنّه أخبر عمر بهذا الاستسقاء؟ فالروايات التي بين أيدينا ليس فيها إلاّ الإخبار بالرؤيا. فمن زعم غير ذلك فعليه الإثبات.

وقد رأيت جواباً لبعضهم يقول فيه: " وأما إخباره عمر فلا نُسلّم أنّه أخبره باستسقائه بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولعلّه أخبره بالرؤيا فقط، أو ببعضها وهو قوله: "قل له عليك بالكيس الكيس" والفعل الماضي في الإثبات بلسان العرب بمنزلة النكرة في الإثبات، فكما لا يعم قولنا: حصل منا إخبار، كذلك لا يعمم قولنا: أخبرنا……) أهـ. [الصواعق المرسلة الشهابية: 172 - 173].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير