وتعليل ذلك: أنَّ المأمومَ أعلى حالاً مِن الإِمامِ، فكيف يأتمُّ الأعلى بالأدنى.
والقول الثاني: وهو رواية عن أحمد: أنه يَصحُّ أن يكون الأُمِّيُّ إماماً للقارئ، لكن ينبغي أنْ نتجنَّبَها؛ لأنَّ فيها شيئاً مِن المخالفةِ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ» ومراعاةً للخِلافِ.
قوله: «وإن قدر على إصلاحه لم تصح صلاته» أي: إنْ قَدِرَ الأُمِّيُّ على إصلاح اللَّحنِ الذي يُحيلُ المعنى ولم يُصلِحْهُ فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ، وإن لم يَقْدِرْ فصلاتُه صحيحةٌ دون إمامتِه إلا بمثلِه.
ولكن الصحيحُ: أنَّها تصحُّ إمامتُه في هذه الحالِ؛ لأنَّه معذورٌ لعجزِه عن إقامةِ الفاتحةِ وقد قال الله تعالى: {فأتقوا الله ماإستطعتم} وقال: {لايكلف الله نفساً الا وسعها} ويوجد في بعضِ الباديةِ مَن لا يستطيعُ أنْ ينطِقَ بالفاتحة على وَجْهٍ صحيحٍ، فرُبَّما تسمعُه يقرأ «أَهدنا» ولا يمكن أنْ يقرأَ إلا ما كان قد اعتادَه، والعاجزُ عن إصلاح اللَّحنِ صلاتُه صحيحةٌ، وأما مَن كان قادراً فصلاتُه غيرُ صحيحةٍ، كما قال المؤلِّف، إذا كان يُحيلُ المعنى.
قوله: «وتكره إمامةُ اللَّحَّان» واللَّحَّانُ: كثيرُ اللَّحْنِ، والمرادُ في غيرِ الفاتحةِ، فإنْ كان في الفاتحةِ وأحَالَ المعنى صارَ أُمِّيًّا لا تَصِحُّ إمامتُه على المذهبِ، لكن إذا كان كثيرَ اللَّحْنِ في غيرِ الفاتحةِ فإمامتُه صحيحةٌ، إلا أنَّها تُكره.
والدليلُ: قولُ النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام: «يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ»، وهذا خَبَرٌ بمعنى الأمرِ، فإذا كان خبراً بمعنى الأمر فإنَّه إذا أمَّهم مَن ليس أقرأهم فقد خالفوا أَمْرَ النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذَكَرَ الإِمامُ أحمدُ حديثاً لكنه لم يذكرْ سَنَدَه وهو: «إذا أَمَّ الرَّجُلُ القومَ وفيهم مَن هو خيرٌ مِنه لم يزالوا في سَفَالٍ» لأنهم انحطُّوا فَحَطَّ الله قَدْرَهم.
قوله: «والفأفاء» يعني تُكره إمامةُ الفَأْفَاء: وهو الذي يُكرِّرُ الفاءَ، أي: إذا نَطَقَ بالفاءِ كرَّرها.
قوله: «والتمتام» وهو مَن يُكرِّرُ التاءَ، ومِن النَّاسِ مَن يُكرِّرُ الواو أو غيرها.
وعلى كُلٍّ؛ فالذي يُكرِّرُ الحروفَ تُكرَه إمامتُه مِن أجلِ زيادةِ الحَرْفِ، ولكن لو أمَّ النَّاسَ فإمامتُه صحيحةٌ.
قوله: «ومن لا يفصح ببعض الحروف» أي: يخفيها بعضَ الشيءِ، وليس المرادُ أنَّه يُسقِطُها؛ لأنه إذا أسقطَها فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ إذا كان في الفاتحة لنُقصانِها، أما إذا كان يَذكرُها، ولكن بدون إفصاحٍ؛ فإنَّ إمامتَه مكروهةٌ.
ولم يذكرِ المؤلِّفُ كراهةَ إمامةِ مَن لا يقرأُ بالتَّجويدِ؛ لأنَّه لا تُكره القِراءةُ بغيرِ التَّجويدِ.
والتَّجويدُ مِن بابِ تحسين الصَّوتِ بالقرآنِ، وليس بواجبٍ، إنْ قرأَ به الإِنسانُ لتحسينِ صوتِه فهذا حَسَنٌ، وإنْ لم يقرأْ به فلا حَرَجَ عليه ولم يفته شيءٌ يأثم بتركِهِ، بل إنَّ شيخَ الإِسلامِ ذمَّ أولئك القومَ الذين يعتنون باللَّفظِ، ورُبَّما يكرِّرونَ الكلمةَ مرَّتين أو ثلاثاً مِن أجل أن ينطِقُوا بها على قواعد التَّجويدِ، ويَغْفُلُونَ عن المعنى وتدبُّرِ القرآنِ. ا. هـ.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 - 01 - 09, 03:47 ص]ـ
إذا استثنينا المدود، فغالب أحكام التجويد لا يتم النطق العربي إلا بها. فالذي لا يلتزم بها لا يكون قد تكلم بلسان العرب. والقرآن قد جعله الله عربياً، فالذي لا يتكلم بلسان العرب ولا ينطق القرآن بنطقهم لا يكون قد قرأ القرآن كما أمر الله.
وبالتالي فمن لم يلتزم بأحكام التجويد المتفق عليها فهو آثم، ويكون تجويد القرآن فرض عين.
أما عن الأحكام المختلف فيها (مثل الإمالة) فبعض القبائل كانت تميل وبعضها لم يكن يفعل، فهو على الخيار. والله أعلم.
ـ[محمد بو سيد]ــــــــ[04 - 01 - 09, 01:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - الأدلة على وجوب تعلم التجويد
- أدلة من القرآن
- أدلة من السنة
- نقل الإجماع
- أدلة عامة
2 - من يرون عدم الوجوب
- كلام شيخ الإسلام
- كلام ابن القيم و ابن الجوزي
- كلام الشيخ ابن عثيمين
3 - من يرون الوجوب
- مذهب المالكية
- مذهب الشافعية
- مذهب الحنابلة
4 - الخلاصة
الأدلة على وجوب التجويد
من الكتاب الكريم:
¥