تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخامس: القياس، لأن أرض مكة أرض حية ليست موقوفة، فيجوز بيعها قياساً على غيرها من الأرض.

واحتج من قال: بأن رباع مكة لا تملك ولا تباع. بأدلة:

منها قوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} قالوا: والمراد بالمسجد: جميع الحرم كله لكثرة إطلاقه عليه في النصوص، كقوله: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وقوله: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وقوله: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} مع أن المنحر الأكبر من الحرم «منى».

ومنها قوله تعالى: {إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِى حَرَّمَهَا} قالوا: والمحرم لا يجوز بيعه.

ومنها: ما أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه عن عبد الله بن باباه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مكة مناخ لا تباع رباعها، ولا تؤجر بيوتها».

ومنها: ما رواه أبو حنيفة، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو، قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «مكة حرام، وحرام بيع رباعها، وحرام أجر بيوتها».

ومنها ما روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت: يا رسول الله ألا نبني لك بيتاً أو بناء يظلك من الشمس؟ قال: «لا. إنما هو مناخ من سبق إليه» أخرجه أبو داود.

ومنها: ما رواه البيهقي، وابن ماجه، عن عثمان بن أبي سليمان، عن علقمة بن نضلة الكناني، قال: كانت بيوت مكة تدعى السوائب، لم تبع رباعها في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبي بكر ولا عمر، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن.

ومنها: ما روى عن عائشة رضي الله عنها: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: «منى مناخ لمن سبق».

قال النووي في (شرح المهذب) في الجنائز، في «باب الدفن» في هذا الحديث، رواه أبو محمد الدارمي، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم، بأسانيد جيدة من رواية عائشة رضي الله عنها.

قال الترمذي: هو حديث حسن.

وذكر في البيوع، في الكلام على بيع دور مكة، وغيرها من أرض الحرم: أن هذا الحديث صحيح.

ومنها: ما رواه عبد الرزاق بن مجاهدعن ابن جريج، قال: كان عطاء ينهي عن الكراء في الحرم، وأخبرني أن عمر بن الخطاب، كان ينهي عن تبويب دور مكة لأن ينزل الحاج في عرصاتها، فكان أول من بوب داره، سهيل بن عمرو، فأرسل إليه عمر بن الخطاب في ذلك، فقال. أنظرني يا أمير المؤمنين إني كنت امرأ تاجراً، فأردت أن أتخذ بابين يحبسان لي ظهري، فقال: ذلك لك إذن.

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن مجاهد: إن عمر بن الخطاب، قال: يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبواباً لينزل البادي حيث يشاء. اه، قاله ابن كثير: إلى غير ذلك من الأدلة.

قال مقيده عفا الله عنه: أقوى الأقوال دليلاً فيما يظهر قول الشافعي ومن وافقه، لحديث أسامة بن زيد المتفق عليه، كما قدمنا، وللأدلة التي قدمنا غيره، ولأن جميع أهل مكة بقيت لهم ديارهم بعد الفتح يفعلون بها ما شاءوا من بيع، وإجارة، وغير ذلك.

وأجاب أهل هذا القول الصحيح عن أدلة المخالفين. فأجابوا عن قوله: {سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} بأن المراد خصوص المسجد دون غيره من أرض الحرم، بدليل التصريح بنفس المسجد في قوله: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً}، وعن قوله تعالى: {هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِى حَرَّمَهَا} بأن المراد: حرم صيدها، وشجرها، وخلاها، والقتال فيها، كما بينه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، ولم يذكر في شيء منها مع كثرتها النهي عن بيع دورها. وعن حديث إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه: بأنه ضعيف، قال النووي في (شرح المهذب): هو ضعيف باتفاق المحدثين، واتفقوا على تضعيف إسماعيل، وأبيه إبراهيم. اه.

وقال البيهقي في السنن الكبرى: إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ضعيف، وأبوه غير قوي، واختلف عليه فروي عنه هكذا، وروي عنه عن أبيه، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً ببعض معناه، وعن حديث عائشة رضي الله عنها. بأنه محمول على الموات من الحرم.

قال النووي: وهو ظاهر الحديث.

وعن حديث أبي حنيفة: بأنه ضعيف من وجهين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير