ويقولون كالجبرية تماماً: في أنَّ أفعال الله غير مُعَلَّلَة، وأن الله قد يُعَذّب المطيع الصالح، وقد يُعْطِي ويُنَعِّم الكافر الطاغوت، ولازم مذهبهم أن الله قد يُدْخِلْ إبليس الجنة، وقد يُدْخِلْ آدم النار!!
قال ابن الوزير اليماني في إيثار الحق على الخلق (1/ 114):
غلت الأشعرية في نفي حكمة الله تعالى وتقبيح اسم الحكيم في الظاهر وإيجاب تأويله بالمحكم لصنعه من غير حكمة له في ذلك الإحكام، وغلاة المعتزلة في نفي السميع البصير والمريد وتقبيحها في الظاهر وإيجاب تأويلها بالعليم لا سواه. اهـ
3 - تحريف اسم الله [النور]:
حرفوا وصف الله نفسه بالنور وتسميته له به كما في الآيات والأحاديث فقالوا انما عنى به الهداية!! فالنور عندهم الهادي .. وقرأوا قوله تعالى {الله نور السموات والأرض} فاستبدلوا الاسم والصفة الظاهرة الى الفعل فقط فقالوا {الله نوَّر السماوات والأرض}.
وقد وصف الله نفسه بالنور وبالهادي فكيف يكونان واحدا؟
وقد فرق الغزالي في كتابه المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى بين اسمي النور والهادي .. ولكنه فسر النور بالظاهر .. وهكذا تتقلب عقولهم من أجل نفي حقيقة الصفة الثابتة في الكتاب والسنة.
فأما آيات وأحاديث النور فكثيرة .. وجاء اسم الهادي في قوله تعالى: {وكفى بربك هادياً ونصيراً}. وقال تعالى: {وإن الله لهادي الذين ءامنوا إلى صراط مستقيم}.
والهداية أنواع .. ذكرها ابن القيم في شفاء العليل وغيره فلتراجع في محلها.
وقال ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية (1/ 2):
وقد فسر قوله تعالى: " الله نور السموات والأرض " بكونه منوّر السموات والأرض، وهادي أهل السموات والأرض. فبنوره اهتدى أهل السموات والأرض، وهذا إنما هو فعله، وإلا فالنور الذي هو من أوصافه قائم به، ومنه اشتق له اسم النور الذي هو أحد الأسماء الحسنى.
والنور يضاف إليه سبحانه على أحد وجهين:
إضافة صفة إلى موصوفها، وإضافة مفعول إلى فاعله.
فالأول: كقوله عز وجل: " وأشْرَقَت الأرضُ بنورِ ربِّها " فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور: " أعوذُ بنُورِ وجْهكَ الكَريم أنْ تُضلّني لا إلَه إلاّ أنْتَ ".
وفي الأثر الآخر: " أعُوذُ بوجْهكَ أو بنُورِ وجْهِكَ الّذي أشْرقت لَهُ الظُّلُمات ".
فأخبر صلى الله عليه وسلم: أن الظلمات أشرقت لنور وجه اللّه. كما أخبر تعالى أن الأرض تشرق يوم القيامة بنوره.
وفي معجم الطبراني والسنّة له، وكتاب عثمان الدارمي وغيرها، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: ليس عند ربكم ليل ولا نهار. نور السموات والأرض من نور وجهه. [ضعيف]
وهذا الذي قاله ابن مسعود رضي اللّه عنه أقرب إلى تفسير الآية من قول من فسرها بأنه هادي أهل السموات والأرض، وأما من فسرها بأنه منوّر السموات والأرض، فلا تنافي بينه وبين قول ابن مسعود، والحق أنه نور السموات والأرض بهذه الاعتبارات كلها. اهـ
ولذلك خالفهم إمامهم الأشعري فقال في مقالات الإسلاميين (1/ 211):
ولا نقدم بين يدى الله في القول بل نقول استوى بلا كيف وأنه نور كما قال تعالى الله نور السموات والارض. اهـ
4 - تحريف اسم الله [الرحمن]:
قال في إيثار الحق على الخلق (1/ 115):
وكذلك الجميع من الأشعرية والمعتزلة في نفي حقيقة الرحمن الرحيم وما في معناهما من الرؤوف والودود وأرحم الراحمين، وحكمهم بأنها أسماء قبيحة الظواهر في حق الله تعالى وأنها لا تليق بجلاله إلا بصرفها عن ظواهرها وتعطيلها عن حقائقها إلى المجاز المحض وأن نسبة الرحمة إلى الله سبحانه كنسبة إرادة الانقضاض إلى الجدار والجناح إلى الذل وكل ذلك بمجرد ظن أن الدلالة العقلية القاطعة دلت على ذلك وستأتي الإشارة إلى تلك الأدلة وما يرد عليها على قواعد أئمة المعقولات على حسب هذا المختصر مع الارشاد إلى مواضع البسط. اهـ
وقال:
قال تعالى: {قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110]
¥