تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعمل الصالح يرفعه) (فاطر: 10) (إني متوفيك ورافعك إلي) (آل عمران:55) _ ثم ذكر بعض الأدلة _ ثم قال: إلى أمثال ذلك مما لا يكاد يحصى إلا بكلفة، وفي الأحاديث الصحاح والحسان مالا يحصى إلا بكلفة، مثل قصة معراج الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ إلى ربه، ونزول الملائكة من عند الله وصعودها إليه ... وذكر جملة من الأحاديث، ثم قال: إلى أمثال ذلك مما لا يحصيه إلى الله، مما هو من أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية، التي تورث علما يقينا من أبلغ العلوم الضرورية أن الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ المبلغ عن الله ألقى إلى أمته المدعوين أن الله سبحانه على العرش، وأنه فوق السماء، كما فطر على ذلك جميع الأمم، عربهم وعجمهم في الجاهلية والإسلام إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته، ثم عن السلف في ذلك من الأقوال مالم لو جمع لبلغ مئين أو ألوفا ... ) اهـ (الحموية ضمن مجموع الفتاوى: 5/ 14_15، وانظر: التسعينية 3/ 954_ 958).

ونقل _ رحمه الله _ عن بعض أكابر أصحاب الشافعي أنه قال: (في القرآن ألف دليل او يزيد على أن الله تعالى عالٍ على الخلق، وأنه فوق عباده) وقال غيره: (فيه ثلاثمائة دليل تدل على ذلك ... ) اهـ (مجموع الفتاوى: 5/ 121_ 126، وانظر: الصواعق المرسلة: 4/ 1279)

وقد ذكر ابن القيم _ رحمه الله _ في النونية واحدا وعشرين نوعا من أنواع الأدلة، وتحت كل نوع أكثر من دليل. وقال: يا قومِ والله العظيم لِقولنا ألفٌ تدلُّ عليه بل ألفان

عقلا ونقلا مع صريح الفطرة الأولى وذوق حلاوة الإيمان

كلٌّ يدلُّ بأنه سبحانه فوق السماء مباينُ الأكوان (انظر: النونية 1/ 396_ 534، مع شرح ابن عيسى، توضيح المقاصد)، ونقل _ رحمه الله _ اتفاق أهل الإسلام على إثبات علو الله تعالى على عرشه وفوقيته، ونقل حكاية الإجماع عن ستة من أكابر علماء المسلمين، (مختصر الصواعق:2/ 416_ 418)

وهذا الذي ذكره أهل العلم في تقرير علو الله على خلقه واستوائه على عرشه يقرره ويثبته كبار علماء وأساطين الأشاعرة والماتريدية، فهم يقرون استفاضة الأدلة على علو الله على خلقه، ويقرون _ ثانيا _ إجماع السلف على ذلك، ويقرون _ ثالثا _ صعوبة فهم مذهبهم الملفق من أن الله لا داخل العلم ولا خارجه، ورغم ذلك نجد جمهورهم يكفرون من أثبت صفة العلو لله تعالى وهنا الطامة:

1_ قال التفتازاني: _ بعد تعطيله لصفة العلو بأصول وقواعد أسلافه الفلاسفة _: (فإن قيل: إذا كان الدين الحق نفي الحيز والجهة [يعني نفي علو الله على عرشه وفوقيته] فما بال الكتب السماوية والأحاديث النبوية مشعرة في مواضع لا تحصى بثبوت ذلك من غير أن يقع في موضع واحد تصريح بنفي ذلك؟

أجاب التفتازاني بأنه (لما كان التنزيه عن الجهة مما تقصر عنه عقول العامة حتى تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة: كان الأنسب في خطاباتهم والأقرب إلى إصلاحهم والأليق بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهراً في التشبيه، وكون الصانع في أشرف الجهات مع تنبيهات دقيقة على التنزيه المطلق عما هو من سمة الحدوث) اهـ (شرح المقاصد 2/ 50)

قلت: يالله للعجب من قول هذا الرجل وهذيانه، فهو يقرر أن الأدلة مستفيضة على علو الله لا تحصى، وأنه لم يرد دليل _ ولو في موضع واحد قط _ خلاف ذلك، وأن العقول تجزم بنفي ماليس في جهة، وأن جهة العلو من أشرف الجهات، ثم بعد ذلك يعطل هذه الصفة لله، ولا يكتفي بذلك بل ويضلل ويكفر من أثبتها، والأدهى من ذلك كله أنه ينسب للشارع المراوغة والتدليس في خطاباته وأنه خاطب الناس بما ظاهره التشبيه والتجسيم _ عياذا بالله تعالى _ ولم يوضح لهم التنزيه الحقيقي _ على قواعد المتكلمين _ لماذا؟ لأن عقول الناس تضيق عن تنزيه الله لأنهم مشبهة فاقتضت الحكمة أن يُخاطبوا بما ظاهره الكفر والضلال!!! نسأل الله العافية والسلامة. اللهم سلم سلم، والشاهد من كلامه هو إقراره باستفاضة الأدلة على علو الله تعالى

2_ قال القرطبي _ رحمه الله _ بعدما ذكر مذهب المعطلة نفاة العلو لله تعالى: (وقد كان السلف الأُول لا يقولون بنفي الجهة، ولا ينطقون بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله، كما نطق كتابه وأخبرت رسله، ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنّه استوى على عرشه حقيقة ... ، وإنما جهلوا كيفية الاستواء) (الجامع لأحكام القرآن 7/ 219 - 220)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير