تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقول: هذا هو الذي نبدأ به مع عامة الناس، لأن عامة الناس فطرتهم على الإسلام، فإن الذي ينطق بـ "لا إله إلا الله"، ويشهد بألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يقول: "يا رب أنت معبودي بحق، إن أخبرتني عن شئ فسأصدقه، وإن أمرتني بشئ سأنفذه"، ولا يوجد أي مسلم سيختلف معنا في هذه القضية.

فالكلام الذي نزل على رسول الله سواء قرآن أو سنة ينقسم إلى قسمين اثنين، وهذا هو أيضاً تقسيم الكلام العربي:

- القسم الأول: الأخبار.

فالخبر هو ما يحتمل الصدق أو الكذب، ويتطلب منا التصديق.

- القسم الثاني: الإنشاء أو الطلب أو الأمر.

وهو ما لا يحتمل الصدق ولا الكذب، ولكن يتطلب التنفيذ.

كان الصحابة في طريقتهم أنهم لو سمعوا خبراً عن الله يصدقونه، فإذا أردت أن تجعل أحداً يفهم قضية العقيدة بسهولة فاجعله يفهم قضية الخبر والأمر، فقل له: الخبر يتطلب منا التصديق، والأمر يتطلب التنفيذ.

فالذي يقول: "لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا الله، أنت ربي ومعبودي، لا معبود لي سواك، إن أخبرتني عن شئ صدقته، وإن أمرتني بشئ نفذته" يدخل الجنة، وكل من يقول "لا إله إلا الله" على هذا المعنى يدخل الجنة، ومن كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" على هذا المعنى يدخل الجنة.

وقد بين ابن القيم رحمه الله تعالى أن أساس التوحيد والهداية التي منَّ الله بها على عباده يقوم على تصديق خبر الله من غير اعتراض شبهة، وامتثال أمره من غير اعتراض شهوة، ثم يقول: "وعلى هذين الأصلين مدار الإيمان، وهما تصديق الخبر وطاعة الأمر"

وتصديق خبر الله يجب أن يصل إلى حد اليقين، فثاني شرط من شروط "لا إله إلا الله" هو اليقين.

فشروط لا إله إلا الله سبعة وهي:

علم يقين وإخلاص وصدقك مع محبة وانقياد والقبول لها

وزِيد ثامنها الكفران منك بما سوى الإله من الأشياء قد أُلِِه

فثاني شرط بعد العلم هو اليقين المنافي للشك، فاليقين يكون في باب الخبر، فالصحابة كانوا في تصديقهم لخبر الله على يقين.

فمثلاً: إذا فقد رجل ابنه، وأخذ يبحث عنه سنين حتى يأس، ثم قابله رجل بعد أربع سنوات فقال له: "لقد وجدوا ابنك الذي فقدته"، فهذا خبر، وعندما يقع هذا الخبر على القلب فإنه إما أن يُصدِّق وإما أن يُكذِّب، فإن كانت نسبة التكذيب أكثر من التصديق سُمِّي ذلك عند علماء الأصول وهماً، فهذا الرجل حدث له وهم، لأنه قد بذل مجهوداً كبيراً في البحث عن ابنه قبل ذلك.

فإن جاء رجل آخر وأكَّد لهذا الأب هذا الخبر، فبذلك تزيد نسبة التصديق، فيتحول ما في نفسه من الوهم إلى الشك، وهو استواء نسبة التصديق مع نسبة التكذيب، فإن زادت نسبة التصديق في القلب عن التكذيب (حتى لو كانت نسبة التكذيب واحد بالمائة) يتحول ما في نفسه إلى الظن، وأما إذا امتلأ القلب بالتصديق وانتفى التكذيب تماماً فقد وصل إلى اليقين.

فتعريف علم اليقين الذي هو شرط من شروط "لا إله إلا الله" أن الله لو أخبرك عن شئ صدقت به تصديقاً يقينياً، قال تعالى: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (التكاثر:5)، فسماه تعالى "علم اليقين" على هذا الأساس، ولا يوجد مسلم عنده ظن في خبر الله تعالى أو خبر رسوله، فلكي يكون مسلماً يجب أن يكون عنده علم اليقين.

• الوهم: أن تكون نسبة التكذيب بالخبر أكبر من التصديق.

• الشك: استواء نسبة التصديق مع نسبة التكذيب.

• الظن: أن تكون نسبة التصديق بالخبر أكبر من التكذيب، ولو كانت نسبة التكذيب قليلة جداً.

• اليقين: أن يمتلئ القلب بالتصديق، بحيث لا تبقى نسبة للتكذيب على الإطلاق، وهذا اسمه علم اليقين، فإذا قال النبي بأن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، فإن المسلم على يقين بأن ما أخبر به حق، فالمسلم لا ينزل عن اليقين، صحيح أن اليقين قد يضعف، ولكن لا يخرج المسلم عن اليقين، فخروجه عن اليقين خروج عن الإسلام.

وسنضرب بعض الأمثلة للتوضيح:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير