تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• قال تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) فالنصارى أنفسهم عندهم شك في صلب المسيح، والشك هو استواء نسبة التصديق مع نسبة التكذيب، (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ) كأن يرجح أحد لهم القضية ويكلمهم حتى يكون نسبة التصديق أكبر من نسبة التكذيب، والله تعالى يقول: (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) (النساء:157)، فاليقين نفى لشيئين: الشك والظن، ومن باب أولى ينفي الوهم.

• قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) (الجاثية:32)، فأثبتوا لأنفسهم الظن، ونفوا عن أنفسهم اليقين، فلا يصدقون تصديقاً جازماً.

فالعقيدة الصحيحة تتمثل في تصديق خبر الله ورسوله تصديقاً يقينياً، فالخبر يتطلب التصديق، ومشكلة المخالفين في هذا الباب أنهم لا يريدون أن يصدقوا بخبر الله كما أراد الله ورسوله، فعلماء السلف الذين وقفوا أمام المعتزلة كانوا يقولون لهم: لماذا تحرفون الكلم عن مواضعه؟، فالله سبحانه وتعالى أراد أن تصدق خبره في اسمه وفي وصفه، فالله يخبر بأنه يتكلم، وهم يقولون: لا يتكلم، يقول تعالى بأنه يسمع، وهم يقولون: لا يسمع، يقول تعالى بأنه على العرش، وهم يقولون: لا ليس على العرش، يقول تعالى بأنه ينزل إلى السماء الدنيا، وهم يقولون: لا ينزل .............. ، إذاً، أين التصديق؟؟

قلنا بأن تعريف الخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب، وأما خبر الله تعالى فليس له إلا وجه واحد عند المسلم وهو علم اليقين.

فهؤلاء الذين كانوا يقولون: (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) (الجاثية:32)،انظر لقولهم عندما عُذِّبوا في النار، قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (السجدة:12)، وهذا هو الذي كان مطلوباً منهم في الدنيا.

إذاً العقيدة مبنية على اليقين في خبر الله، لأنك لو أيقنت بخبر الله سوف تُهيئ نفسك وتُهيئ حياتك على هذه اليقينيات لا الظنيات، فقبل ما تُقدِم على الحرام تخاف من النار لأن عندك يقين في النار، وأما الذي لا يخاف من النار تجد أن عنده جرأة على المحرمات،ومثل هذا لا يعرف شيئاً عن دينه، وليس عنده يقين في خبر الله، وهؤلاء كثرة يحتاجون إلى إعادة النظر، فيقال لهم: أيخبر الله عن شئ، فلا تصدقه؟

• قال تعالى: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) (يوسف:25 - 26) فهذا خبر، والخبر يتطلب التصديق، والخبر يحتمل الصدق أو الكذب، فيوسف أخبر، والله لما أخبرنا بكل ما ورد في كتابه وفي سنة رسوله أبان الأدلة على صدق نبيه، وقال: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت: 53)، وكم من آية في كتاب الله، وكم من آية شاهدها أصحاب رسول الله دفعتهم إلى اليقين، فنحن ما رأينا رسول الله، ولكنَّا نؤمن به كأننا نراه رأي العين حقيقة، ونصدق كل كلمة نطق بها محمد بن عبد الله،وهذا يُضاعف الأجر لمن لم يره، فالصحابة رأوا الماء ينبع من بين أصابعه، ورأوا آيات ومعجزات، ولكن من آمن ممن سيأتي بعدهم ممن لم ير نبينا، وكان إيمانه على تصديق خبر الله ورسوله، وعلى تنفيذ أمره فقد فهم العقيدة كما فهمها أصحاب النبي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير