قال أهل التأويل يريد فوقها "وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي أن الله في السماء" يعني فوقها وعليها فلذلك قال الشيخ أبو محمد إنه فوق عرشه ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته .. )) العلو للذهبي2/ 1366 باختصار وفي بيان التلبيس لابن تيميه بتمامه1/ 175 - 179
وقد احتج بهذا الأثر على إثبات العلو الإمام الداني المالكي في الرسالة الوافية ص56 وغيره.
ومما جاء عن الإمام مالك إثباته لصفة اليدين والوجه، فقد قال تلميذه ابن القاسم كما في النوادر والزيادات14/ 553 لابن أبي زيد - ونحوه في البيان والتحصيل16/ 400 ونحوه أيضاً عند ابن أبي زمنين المالكي في أصول السنة ص75 – ما نصه:
"لا ينبغي لأحد أن يصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه، ولا يشبه كذلك بشيء، وليقل: له يدان كما وصف نفسه، وله وجه كما وصف نفسه، تقف عند ما في الكتاب، لأن الله سبحانه لا مثل له ولا شبيه ولا نظير له)) انتهى المراد وستأتي بقيته حيث سنحتاجها لاحقاً.
وقد جعل ابن رشد الجد كلام ابن القاسم هذا رواية عن مالك كما في البيان والتحصيل16/ 401.
ومما جاء عن الإمام مالك إثباته للحجب الحقيقية: ففي البيان والتحصيل 18/ 478 - 479 من كتاب "بع ولا نقص عليك" في رؤية الله عز وجل يوم القيامة وهو كذلك في الجامع لابن أبي زيد ص156 بشيء من الإختصار:
((قال ابن القاسم: قال أبو السمح لمالك: يا أبا عبد الله أنرى الله يوم القيامة؟ قال نعم، نجد الله تعالى يقول: "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" ويقول لقوم: "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"
قال: وحدثني ابن أبي حازم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "إن دون الله يوم القيامة سبعين ألف حجاب، حجب من ظلمة ما يفتقها بصر شيء، وحجب من نور ما يستطيع بصرها شيء، وإن منها لحجاباً من ماء لا يسمع صوت ذلك الماء أحد لا يربط الله عز وجل على قلبه إلا خلع" انتهى
فتأمل بعد ذكره لآية إثبات الرؤية للمؤمنين وآية إثبات الحجب عن الكافرين رواية الإمام مالك لهذا الحديث الذي فيه إثبات حجب حقيقية (ظلمة ونور وماء) بين الله وخلقه مما يخالف عقيدة الجهمية (نفاة المباينة الحقيقة) وعلى هذا مشى أتباعه السلفيين كما قال ابن زمنين المالكي في كتابه أصول السنة ص106: ((باب الإيمان بالحجب: ومن قول أهل السنة: أن الله عز وجل [بائن] من خلقه، محتجب عنهم بالحجب، فتعالى الله عما يقول الظالمون، (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).)) إلخ وقد نقله ابن تيميه في الحموية.
وفي جامع الإمام الفقيه عبد الله بن عبد الحكم المصري (تلميذ من تلامذة مالك) ص163 - ورواه بلفظ آخر ابن أبي زمنين المالكي في أصول السنة ص113 - جاء ما نصه:
((وقد سئل مالك عما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينزل ربنا في كل ليلة إلى سماء الدنيا فقال:"ترسل [أي تروى] هذه الأحاديث كما جاءت")) وهذه هي الرواية الصحيحة عنه بخلاف رواية تأويل النزول الواهية!
وفيما مضى كفاية إن شاء الله، وقد اعترف بتواتر هذا عنه المخالف أيضاً فهذا الكوثري في حاشيته على الانتقاء لابن عبد البر ص35 يقول: ((المتواتر عنه عدم الخوض في الصفات وفيما ليس تحته عمل كما كان عليه عمل أهل المدينة على ما في شرح السنة للالكائي وغيره)) و عدم الخوض يتضمن الإمرار والإقرار بما جاءت به النصوص لا ما يريد الكوثري من نفي الإثبات! كيف ورواية ما ظاهره الكفر-كما زعموا- وإرساله كما جاء من غير تعقيب بما ينفي الباطل نقص في حقه وحاشاه!
الوجه الرابع: [/ U][/COLOR]
أما ما يخص كلامه في آية الاستواء فلو لم يأتي عنه إلا هو لكفى!! فهو قول قد تلقته الأمة بالقبول ولم ينكره منكر بل صار أصلا كبيرا من أصول أهل السنة والجماعة، وهو قول ينبغي طرده في بقية الصفات فلا يظن بالإمام مالك التناقض!
وقد ذكر صاحب "الأثر المشهور عن الإمام مالك" ص100 وبعدها بعض كلام للعلماء و أهل الكلام في التنويه بكلام الإمام مالك أو جعله قاعدة، ومما ذكره:
¥