تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[جليس العلماء]ــــــــ[20 - 07 - 02, 04:28 ص]ـ

?المسألة الثانية: أن درجات إنكار المنكر متعددة، وذلك بحسب ما يقدر عليه المكلف:

? أولاً: الإنكار باليد، وهو جائز لكل ولي أمر فيمن تحت يده، وجائز لكل من كان في إنكاره باليد تخفيف لمفسدة متوقعة، ومنه: ((ومن قُتل دون ماله فهو شهيد) وكما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من قوم يُعْمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يغيروا؛ فلا يغيروا، إلا يوشك الله أن يعمهم بعقابه)) أخرجه أبو داود بهذا اللفظ، وخرجه الإمام أحمد ولفظه: ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله؛ فلا يغيروا، إلا يوشك الله أن يعمهم بعقابه)).

? ثانياً: الإنكار باللسان وهو جائز لكل أحد؛ ولا يُعذر بتركه إلا من خشي على نفسه مفسدة أكبر مما يرجو صلاحه.

قال الحافظ ابن رجب:" عموم هذا متى خاف على نفسه السيف، أو السوط، أو الحبس، أو القيد، أو النفي، أو أخذ المال، أو نحو ذلك من الأذى؛ سقط أمرهم، ونهيهم، وقد نص الأئمة على ذلك، منهم مالك، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم.

قال أحمد:" لا يتعرض إلى السلطان؛ فإن سيفه مسلول"!

وقال ابن شبرمة:" الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ كالجهاد يجب على الواحد أن يصابر فيه الاثنين، وَيُحْرَمُ عليه الفرار منهما".

قال ابن رجب":" ولا يجب عليه مصابرة أكثر من ذلك، فإن خاف السب، أو سماع الكلام السيئ؛ لم يسقط عنه الإنكار بذلك، نَصَّ عليه الإمام أحمد، وإن احتمل الأذى وقوي عليه فهو أفضل نص عليه أحمد أيضاً.

وقيل له – أي الإمام أحمد - أليس قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه ثم فسره بأن يتعرض من البلاء لما لا يطيق))؟؟

قال:" ليس هذا من ذلك؛ ويدل على ما قاله ما خرجه أبو داود وابن ماجة، والترمذي، من حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر))، ... وأما حديث: ((لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه))؛ فإنما يدل على أنه إذا علم أنه لا يطيق الأذى ولا يصبر عليه فإنه لا يتعرض حينئذ للأمراء وهذا حق وإنما الكلام فيمن علم من نفسه الصبر لذلك.

ثالثاً: الإنكار بالقلب، وهذا لا يعذر أحدٌ بتركه".

قال ابن رجب:" وأما إنكاره بالقلب فلابد منه فمن لم ينكر قلبه المنكر دل على ذهاب الإيمان من قلبه.

وسمع ابن مسعود رجلاً يقول: " هَلَكَ مَنْ لَمْ يَأمُر بالمعروف، ولم يَنْهَ عن المنكر؛ فقال ابن مسعود:"هَلَكَ مَنْ لم يَعْرِف بقلبه المعروف، والمنكر" (3)

يشير إلى أن معرفة المعروف، والمنكر بالقلب فرض، لا يسقط عن أحد.

? المسألة الثالثة / في هذا الحديث مسألة مهمة؛ وهي الإنكار على ولاة الجور والظلم، وهي مسألة مشهورة، للسلف-رحمهم الله تعالى- مواقف شهيرة فيها، ويمكن تقسيم الكلام في هذه المسالة على النحو التالي:

? أولاً / الإنكار عليهم باليد: وهو قسمان:

?: أن يتضمن الإنكار عليهم معنى الخروج عليهم؛ كأن يخرج عليهم بالسلاح، أو يقوم بالتهجم عليهم لضربهم، أو قتلهم؛ ففي هذه الحالة لا يجوز الإنكار عليهم إلا بشرطين:

?: أولهما: أن يصدر منهم كفرٌ بواح، ظاهر لا يقع فيه تأويل. بحيث كل من يعرف دين " تعالى يقول: هذا كفر أكبر!

?: والثاني: أن لا يكون في الخروج عليهم مفسدة راجحة من انتهاك أعراض، وسفك دماء، وتحجيم للدعوة إلى الله تعالى… ونحو ذلك، وهذا شرط جدلي، لا أظنه يتحقق! ولذلك نهى العلماء من سلوك هذا الطريق؛ لما يُفضي على الأمة من الشرور، ولما يولد من المفاسد، ولما ينتج عنه من محو لرسوم الدين، وخذلانه، وفتح باب الإفساد على مصراعيه لأهل العلمنة والشرور؛ ليطعنوا في الدين، وبأهل الدين.

قال النووي (4):" وأما الخروج عليهم، وقتالهم؛ فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق،…

قال العلماء: وسبب عدم انعزاله، وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن، وإراقة الدِّمَاء، وفساد ذات البين؛ فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه ".انتهى كلام النووي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير