فقد أَضافه إِلى نعمة وهي نكرة غير مخصوصة ولا مُشَرَّفة , فإِن هذا بيت شاذ ; قال ابن سيده: هذا كله قول ابن جني , قال: والذي العمل عليه ما قدمناه وهو رأْي الأَخفش , قال: فإِن قال أَلست تزعم أَن الواو في والله بدل من الباء في بالله وأَنت لو أَضمرت لم تقل وَهُ كما تقول به لأَفعلن , فقد تجد أَيضًا بعض البدل لا يقع موقع المبدل منه في كل موضع , فما ننكر أَيضًا أَن تكون الأَلف في آل بدلًا من الهاء وإِن كان لا يقع جميع مواقع أَهل؟ فالجواب أَن الفرق بينهما أَن الواو لم يمتنع من وقوعها في جميع مواقع الباء من حيث امتنع من وقوع آل في جميع مواقع أَهل , وذلك أَن الإِضمار يردّ الأَسماء إِلى أُصولها في كثير من المواضع , أَلا ترى أَن من قال أَعطيتكم درهمًا فحذف الواو التي كانت بعد الميم وأَسكن الميم , فإِنه إِذا أَضمر للدرهم قال أَعطيتكموه , فردّ الواو لأَجل اتصال الكلمة بالمضمر؟ فأَما ما حكاه يونس من قول بعضهم أَعْطَيْتُكُمْه فشاذ لا يقاس عليه عند عامة أَصحابنا , فلذلك جاز أَن تقول: بهم لأَقعدن وبك لأَنطلقن , ولم يجز أَن تقول: وَكَ ولا وَهُ , بل كان هذا في الواو أَحرى لأَنها حرف منفرد فضعفت عن القوّة وعن تصرف الباء التي هي أَصل ; أَنشدنا أَبو علي قال: أَنشدنا أَبو زيد:
رأَى بَرْقًا فأَوْضَعَ فوقَ بَكْرٍ
فلا بِكَ ما أَسالَ ولا أَغاما
قال: وأَنشدنا أَيضًا عنه:
أَلا نادَتْ أُمامةُ باحْتِمالِ
ليَحْزُنَني , فلا بِك ما أُبالي
قال: وأَنت ممتنع من استعمال الآل في غير الأَشهر الأَخص , وسواء في ذلك أَضفته إِلى مُظْهَر أَو أَضفته إِلى مضمر ; قال ابن سيده: فإِن قيل أَلست تزعم أَن التاء في تَوْلَج بدل من واو , وأَن أَصله وَوْلَج لأَنه فَوْعَل من الوُلُوج , ثم إِنك مع ذلك قد تجدهم أَبدلوا الدال من هذه التاء فقالوا دَوْلَج , وأَنت مع ذلك قد تقول دَوْلَج في جميع هذه المواضع التي تقول فيها تَوْلَج , وإِن كانت الدال مع ذلك بدلًا من التاء التي هي بدل من الواو؟ فالجواب عن ذلك أَن هذه مغالطة من السائل , وذلك أَنه إِنما كان يطَّرد هذا له لو كانوا يقولون وَوْلَج ودَوْلَج ويستعملون دَوْلَجًا في جميع أَماكن وَوْلَج , فهذا لو كان كذا لكان له به تَعَلّقٌ , وكانت تحتسب زيادة , فأَما وهم لا يقولون وَوْلَج البَتَّةَ كراهية اجتماع الواوين في أَول الكلمة , وإِنما قالوا تَوْلَج ثم أَبدلوا الدال من التاء المبدلة من الواو فقالوا دَوْلَج , فإِنما استعملوا الدال مكان التاء التي هي في المرتبة قبلها تليها , ولم يستعملوا الدال موضع الواو التي هي الأَصل فصار إِبدال الدال من التاء في هذا الموضع كإِبدال الهمزة من الواو في نحو أُقِّتَتْ وأُجُوه لقربها منها , ولأَنه لا منزلة بينهما واسطة , وكذلك لو عارض معارض بهُنَيْهَة تصغير هَنَة فقال: أَلست تزعم أَن أَصلها هُنَيْوَة ثم صارت هُنَيَّة ثم صارت هُنَيْهة , وأَنت قد تقول هُنَيْهة في كل موضع قد تقول فيه هُنَيَّة؟ كان الجواب واحدًا كالذي قبله , أَلا ترى أَن هُنَيْوة الذي هو أَصل لا يُنْطَق به ولا يستعمل البَتَّة فجرى ذلك مجرى وَوْلَج في رفضه وترك استعماله؟ فهذا كله يؤَكد عندك أَن امتناعه من استعمال آل في جميع مواقع أَهل إِنما هو لأَن فيه بدلًا من بدل , كما كانت التاء في القسم بدلًا من بدل ...