نَوْمَةُ حُمْقٍ فَنَوْمَةٌ حِينَ تَحْضُرُ الصَّلَوَاتُ].
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: غَيْرَ أَنَّ قَوْمًا قَدْ خَرَّجُوا مَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ وَمَا فِي حَدِيثِ عُقَيْلٍ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا إذْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ احْتِمَالُ الْمُنْقَطِعِ عَلَى التَّصْحِيحِ لَهُمَا , وَعَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَجَعَلُوا حَدِيثَ أَسْمَاءَ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ , وَإِنَّمَا كَانَ مِمَّا احْتَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ لِيُوجِبَهُ إلَيْهِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ النَّوْمِ فِي شَيْءٍ وَجَعَلُوا حَدِيثَ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفْسِ النَّوْمِ فَكَرِهُوا بِهِ النَّوْمَ بَعْدَ الْعَصْرِ , وَشَدَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْر.
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: [نَوْمُ أَوَّلِ النَّهَارِ خُرْقٌ وَوَسَطَهُ خُلُقٌ وَآخِرَهُ حُمْقٌ].
وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ مُنْذِرٍ قَالَ: [كُنْتُ نَائِمًا بَعْدَ الْعَصْرِ بِدَابِقٍ فَأَتَانِي مَكْحُولٌ فَرَكَسَنِي بِرِجْلِهِ رَكْسَةً , ثُمَّ قَالَ قُمْ فَقَدْ عُوقِبْت , قُلْت: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ فِيهَا خُرُوجُ الْقَوْمِ , وَفِيهَا انْتِشَارُهُمْ يَعْنِي الْجِنَّ , وَفِي هَذِهِ الرَّقْدَةِ تَكُونُ الْخَبَلَةُ].
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ فِي النَّوْمِ فِي النَّهَارِ شَيْءٌ يُوجِبُ الْكَرَاهَةَ سِوَى مَا ذَكَرْت قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [إنَّ الصُّبْحَةَ تَمْنَعُ بَعْضَ الرِّزْقِ]
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْإِسْنَادِ يُضَعِّفُونَ هَذَا الْإِسْنَادَ ; لِأَنَّهُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَحَامَوْنَ رِوَايَتَهُ.
فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
قِيلَ لَهُ: قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ: [يَا عُبَيْدُ بْنَ عُمَيْرٍ أَمَا عَلِمْت أَنَّ الْأَرْضَ عَجَّتْ إلَى رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نَوْمَةِ الْعُلَمَاءِ بِالضُّحَى مَخَافَةَ الْغَفْلَةِ عَلَيْهِمْ]
وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا يُوجِبُ اجْتِنَابَ مَا فِيهِ هَذَا الْخَوْفُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَمَا سِوَاهُ فِيمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ , وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. اهـ.
قال ابن مفلح في " الآداب الشرعية " ج3:
" وَيُكْرَهُ النَّوْمُ بَعْدَ الْعَصْرِ لِلْخَبَرِ أَنَّهُ يُخْتَلَسُ عَقْلُهُ فِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَتِهِ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَنَامَ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ يُخَافُ عَلَى عَقْلِهِ " اهـ.
¥