تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا الظاهر انه من باب الإغلاظ عليه، و إلا كيف لم يطلب الحديث و هو أحد شيوخ الإمام البخاري، كيف لم يطلب الحديث و قد وصفه الذهبي في السير بقوله: العلامة فقيه بغدادـ، كيف لم يطلب الحديث و قد كانت فتوى السلطان تدور عليه، و كيف لم يجلس عند الشافعي و هو من اكبر تلاميذه بل هو أكبرهم كما ذكره الحافظ ابن حجر في التهذيب و ذكره ابن عبد البر كما سيأتي، و أين أبو ثور و علمه من الكرابيسي فهو لا يعشره كما تقدم.

و أما لعن ابن معين له، عندما بلغه أن الكرابيسي يتكلم في أحمد، فليس بسبب مسألة اللفظ بل الظاهر أن ذلك كان بسبب أن حسينا قال: إيش نعمل بهذا الصبي إن قلنا مخلوق قال بدعة وإن قلنا غير مخلوق قال بدعة، قال الخطيب بعد إيراد هذا القول:

فبلغ ذلك أبا عبد الله فغضب له أصحابه فتكلموا في حسين وكان ذلك سبب الكلام في حسين والغمز عليه.

علاقته الوطيدة بأحمد انقلبت إلى عداوة بسبب مسألة اللفظ:

وقال أبو عمر بن عبد البر القرطبي:

كان عالما مصنفا متقنا وكانت فتوى السلطان تدور عليه وكان نظارا جدليا وكان فيه كبر عظيم وكان يذهب مذهب أهل العراق إلى أن قدم الشافعي فجالسه وسمع كتبه فانتقل إلى مذهبه وعظمت حرمته وله أوضاع ومصنفات كثيرة نحو مائتي جزء وكانت بينه وبين أحمد صداقة وكيدة فلما خالفه في القرآن عادت تلك الصداقة عداوة وكان كل منهما يطعن على صاحبه وهجر الحنابلة حسينا الكرابيسي أ. هـ

هل الكرابيسي جهمي؟

قال الخطيب في تاريخه:

حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن هارون الموصلي قال سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وقلت يا أبا عبد الله أنا رجل من أهل الموصل والغالب على أهل بلدنا الجهمية وفيهم أهل سنة نفر يسير يحبونك وقد وقعت مسألة الكرابيسي نطقي بالقرآن مخلوق فقال لي أبو عبد الله إياك إياك وهذا الكرابيسي لا تكلمه ولا تكلم من يكلمه أربع مرات أو خمس مرات قلت يا أبا عبد الله فهذا القول عندك وما تشعب منه يرجع الى قول جهم قال هذا كله من قول جهم. أ. هـ

قال شيخ الاسلام في الفتاوى:

كما أن الأئمة ـ كأحمد وغيره ـ كانوا يقولون: افترقت الجهمية على ثلاث فرق: فرقة يقولون: القرآن مخلوق. وفرقة تقف ولا تقول: مخلوق ولا غير مخلوق. وفرقة تقول: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة.

ومن المعلوم أنهم إنما أرادوا بذلك افتراقهم في [مسألة القرآن] خاصة، وإلا فكثير من هؤلاء يثبت الصفات والرؤية، والاستواء على العرش. وجعلوه من الجهمية في بعض المسائل؛ أي أنه وافق الجهمية، فيها ليتبين ضعف قوله، لا أنه مثل الجهمية ولا أن حكمه حكمهم؛ فإن هذا لا يقوله من يعرف ما يقول.

ولهذا عامة كلام أحمد إنما هو يجهم اللفظية - أي يجعل اللفظية من الجهمية-، لا يكاد يطلق القول بتكفيرهم كما يطلقه بتكفير المخلوقية -القائلين بخلق القرآن-، وقد نسب إلى هذا القول غير واحد من المعروفين بالسنة والحديث؛ كالحسين الكرابيسي، ونعيم بن حماد الخزاعي، والبويطي، والحارث المحاسبي، ومن الناس من نسب إليه البخاري.

والقول بأن [اللفظ غير مخلوق] نسب إلى محمد بن يحيى الذهلي وأبي حاتم الرازي، بل وبعض الناس ينسبه إلى أبي زُرْعَة أيضًا، ويقول: إنه هو وأبو حاتم هجرا البخاري لما هجره محمد بن يحيى الذهلي، والقصة في ذلك مشهورة. أ. هـ

صحة قول القائل: إن ألفاظنا بالقرآن مخلوقة

أنكر الإمام احمد على من قال ذلك، و الظاهر أن ذلك احتياطا منه لخطورة مثل هذا القول لما قد يؤدي من مفاسد، فالأولى تركه و البعد عنه لا سيما في تلك الأزمنة، و هذا هو الصواب، لكن من حرر المسألة يجد أن قول القائل: إن لفظي بالقرآن مخلوق أي حركة الشفتين و اللسان و الصوت الخارج و نحوها كل هذه مخلوقة لانها من أفعال العباد، فهذا هو الصواب، أما القرآن فكلام الله غير مخلوق، و مما يدل على أن الإمام احمد نهى عن ذلك سدا لما قد يجر من مفاسد و إيهامات باطلة، ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير