تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خرَّج عبد الرزاق في " المصنف " عن الحسن البصري - يرحمه الله - أنه قال: (كانوا يُرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها). وفيه عن أبي زرعة - يرحمه الله - أنه قال: (كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فَضُل منها).

وفيه عن نافع عن ابن عمر أنه كان يأخذ ما فوق القبضة. وعند أبي داود عن مروان بن سالم أنه قال: (رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف).

غير أنه اختُلف أيهما أولى: الأخذ، أم عدمه؟ قولان:

أولهما: استحباب أخذ ما زاد عن القبضة، وهو مذهب الحنفية.

قال في "البحر الرائق ": (قال أصحابنا: الإعفاء تركها حتى تكث وتكثر، والقص سنة فيها؛ وهو أن يقبض الرجل لحيته، فما زاد منها على قبضة قطعها. كذلك ذكر محمد في كتاب (الآثار) عن أبي حنيفة قال: وبه نأخذ) أ. ه‍.

والثاني: ترك الأخذ أولى: وهو مذهب الحنابلة في آخرين. جاء في مسائل أحمد رواية ابن هانئ:: سألت أبا عبد الله عن الرجل يأخذ من عارضيه! قال: يأخذ من اللحية ما فضُل عن القبضة) أ. ه‍. المراد.

وفي " المستوعب ": (ولا يقبض من لحيته إلا ما زاد على القبضة إن أحب، والأولى ألا يفعله) أ. ه‍.

وفي " غاية المنتهى ": «وإعفاء لحية، وحرَّم الشيخ حلقها، ولا يُكره أخذ ما زاد على قبضة» أ. ه‍، المراد. وبه جزم شيخ الإسلام - يرحمه الله - في " شرح العمدة " حيث قال: «وأما إعفاء اللحية فإنه يترك، فلو أخذ ما زاد على القبضة لم يكره. نصَّ عليه». أ. ه‍.

والقول الثاني هو المختار وعليه الجمهور.

قال العراقي في " طرح التثريب ": ((الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها. وأن لا يُقطع منها شيء. وهو قول الشافعي وأصحابه)) أ. ه‍.

وقال النووي في " شرح مسلم ": ((والمختار ترك اللحية على حالها، وألا يُتعرض لها بتقصير شيء أصلاًَ)) أ. ه‍. وفي " الإنصاف ": ((ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة. ونصُّه - أي: أحمد -: لا بأس بأخذ ذلك، وأخذ ما تحت حلقه. وقال في " المستوعب ": ((وتركه أولى، وقيل: يكره. وأطلقها ابن عبيدان)) أ. ه‍.

وبمثله في " شرح المنتهى " لابن النجار.

وفي " التوضيح": ((وله أخذ ما زاد على قبضة وما تحت حنك وتركه أولى)) أ. ه‍.

والدليل في ذلك أحاديث، ومنها ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى)).

تنبيه:

جاء في " الإحياء " للإمام أبي حامد الغزالي قوله: «وقد اختلفوا فيما طال منها، فقيل: إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس. فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين.

واستحسنه الشعبي وابن سيرين.

وكرهه الحسن وقتادة وقالا: تركها عافية أحب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أعفوا اللحى)) والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها على الجوانب، فإن الطول المُفرط يُشوِّه الخِلقة، ويطلق ألسنة المغتابين بالنبذ إليه، فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية.

وقال النخعي: عجبتُ لرجل عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته ويجعلها من لحيتين، فإن التوسط في كل شيء حسن؛ ولذلك قيل: كلما طالت اللحية تشمر العدل)) أ. ه‍.

إلا أنه يُشكل على عزو الكراهة إلى الحسن وابن سيرين: ما أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " حيث فيه: حدثنا وكيع عن أبي هلال قال: سألت الحسن وابن سيرين فقالا: (لا بأس أن تأخذ من طول لحيتك).

وقال ابن عبد البر في " التمهيد ": ((وكان الحسن يأخذ من طول لحيته، وكان ابن سيرين لا يرى بذلك بأساً)). أ. ه‍.

وتقدُّم ابن عبد البر في معرفة الآثار والخلاف في الفقه مشهور يقول الحافظ الحميدي في " جذوة المقتبس ": ((أبو عمر - أي: ابن عبد البر - فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف في الفقه، وبعلوم الحديث والرجال)) أ. ه‍ المراد.

وكراهة أخذ ما زاد عن القبضة حكاه بن أبي عمر في " الشرح الكبير " وجهاً عند الحنابلة، حيث قال: ((وهل يُكره أخذُ ما زاد على القبضة؟ فيه وجهان:

أحدهما: يكره، لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى» متفق عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير