تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثاني: لا يُكره، يُروى ذلك عن عبد الله بن عمر. فروى البخاري قال: ((كان عبد الله بن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه)) أ. ه‍.

والمعتمد أنه قول في المذهب وليس وجهاً قرره جماعة، ومنهم المرداوي في " الإنصاف " وابن النجار في " شرح المنتهى ".

وحكاه الطبري قولاً إلا في حج وعمرة، قال ابن حجر في " فتح الباري ": ((حكى الطبري اختلافاً فيما يؤخذ من اللحية: هل له حدٌّ أم لا؟ قال: وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة)) أ. ه‍. المراد.

وقال عياض في " شرح مسلم ": ((ومنهم من حدَّدَ، فما زاد على القبضة فيزال، ومنهم من كره الأخذ إلا في حج أو عمرة)) أ. ه‍.

ويستدل لذلك بنحو ما جاء عن ابن عمر، حيث خرَّج البيهقي في " شعب الإيمان " من طريق ابن أبي رواد عن نافع أن ابن عمر كان إذا حلق في الحج أو العمرة قبض على لحيته ثم أمر فسوى بين أطراف لحيته فيقطع ما زاد على الكف.

وفي "البخاري " عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خالفوا المشركين، وفّروا اللحى، وأحفوا الشوارب)).

وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه.

ولكن يجاب عن ذلك بما ذكره ابن حجر في "الفتح " بقوله: ((والذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه)) أ. ه‍.

ويؤكد ذلك ويُفسّره ما خرجه مالك في "الموطأ" عن نافع عن ابن عمر كان إذا أفطر عن رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئاً حتى يحج.

تنبيه:

قال عياض في " شرح مسلم ": ((ويكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها كما تُكره في قصها وجزها)) أ. ه‍.

ويؤخذ من اللحية عند طول مُستهجن، وهو مذهب مالك - كما في " التمهيد " وفي " المنتقى " للباجي.

ومذهب أحمد في آخرين كذلك - كما في " الإنصاف"، وفي "كشاف القناع" - قال الطبري - كما في " الفتح ": ((إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به)) أ. ه‍. وفي " أنه رأى رجلاً قد ترك لحيته حتى كبرت، فأخذ منها.

وفي عمدة القاري ": ((ورُوي عن عمر يجذبها ثم قال: ائتوني بجلمتين، ثم أمر رجلاً فجزّ ما تحت يده.

ثم قال: اذهب فأصلح شعرك أو أفسده؛ يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من السباع)) أ. ه‍. المراد.

وخرّج أبو داود في " المراسيل " عن عثمان بن الأسود أنه سمع مجاهداً يقول: ((رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً طويل اللحية، فقال: لم يُشوه أحدكم نفسه؟!)).

وأما الثانية: فأخذ ما دون القبضة وأقل. فهذه تأتي على صورتين أيضاً:

أما الأولى: فأخذ ما تطاير من شعر اللحية وشذ،فهذه جوّزها مالك وغيره. قال القرطبي في " المفهم ": ((لا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص الكثير منها.

فأما أخذ ما تطاير منها وما يُشوه ويدعو إلى الشهرة طولاً وعرضاً فحسنٌ عند مالك وغيره من السلف)) أ. ه‍.

وقال عياض: في " شرح مسلم ": ((وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن، ويكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها كما تُكره في قصها وجزها)) أ. ه‍.

والرواية عن مالك في ذلك مشهورة، قال الباجي في " المنتقى ": ((روى ابن القاسم عن مالك (لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية) قيل لمالك فإذا طالت جداً؟ قال: أرى أن يؤخذ منها وتقص)) أ. ه‍.

وفسَّر ذلك صاحب " الفواكه الدواني " بقوله: ((وحكم الأخذ الندب؛ (فلا بأس) هنا - أي الرواية - هو خير من غيره، والمعروف لا حدَّ للمأخوذ، وينبغي الاقتصار على ما تحسن به الهيئة)) أ. ه‍.

ومما يُستدل به على ذلك ما خرّجه البيهقي في " شعب الإيمان " من حديث جابر بن عبد الله أنه قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً مجفل الرأس واللحية، فقال: ((علام شوَّه أحدكم أمس)) قال: وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى لحيته ورأسه. يقول: خذ من لحيتك ورأسك) وذكر ابن عبد البر في " التمهيد " عن إبراهيم قوله: (كانوا يأخذون من جوانب اللحية).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير