تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما كثر المسلمون حتى تعذر على المسلمين اجتماعهم في المصلى خصوصا في المدن الكبرى كدمشق لكثرة المصلين فصاروا يجتمعون في المساجد حسب الحاجة

قلت: انظر أيها القارئ الكريم إلى هذا المنطق المعكوس حيث جعلوا اجتماع المسلمين في المصلى متعذرا مع أنه سهل متيسر والدليل عليه أنه جرى العمل به في معظم الأمصار كما قال الإمام النووي في

[6]

" شرح مسلم " وسيأتي نص كلامه في " دلالة الأحاديث على أن السنة الصلاة في المصلى "

وإلى اليوم لا تزال هذه السنة قائمة بفضل الله في كثير من البلاد الإسلامية كدمشق والأردن ومصر والجزائر والباكستان وغيرها

ثم أي حاجة في تفريق جماعة المسلمين في هذه المساجد الكثيرة الكبيرة منها والصغيرة المنبثة في كل مكان والتي يقرب بعضها من بعض أحيانا إلى درجة أنه لا يوجد بينها إلا مسافة خمسين خطوة أو أقل

ولو أن هؤلاء المؤلفين قيدوا كلامهم بالصلاة في المسجد الواحد الأكبر لكان لهم سلف في هذا القول كما سيأتي عن الإمام الشافعي رحمة الله

ولكنهم لا يتحرجون من أن يقولوا ما لم يقله مسلم قبلهم البتة في سبيل محاربة السنة وإلا فالمسلمون متفقون جميعا على أن الصلاة في المصلى هو السنة إذا لم يسعهم المسجد وجمهورهم لم يقبلوا هذا الشرط بل قالوا: ولو وسعهم المسجد فقد خالفوا بجهلهم

[7]

جميع المسلين سلفهم وخلفهم والله تعالى يقول:

(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) سورة النساء (115) فالسنة السنة أيها الناس

ثم قالوا: ". . . حسب الحاجة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى في المسجد للعذر " ثم ذكروا في التعليق حديث أبي هريرة في صلاته صلى الله عليه وسلم في المسجد لعذر المطر

والجواب أن حديث أبي هريرة - لو صح - حجة لنا لأن مفهومه أنه لولا عذر المطر لصلى في المصلى: وهذا لا يخالف فيه مسلم غيركم فإن كلامكم السابق ينصب كله على القول بأن الصلاة في المصلى غير مشروعة الآن لأنه متعذر بزعمكم وقد رددنا عليكم فعاد الحديث حجة عليكم لا لكم وهذا كله يقال لو صح الحديث وهو غير صحيح بل إسناده ضعيف كما سيأتي بيانه

وسائر كلامكم هراء لا يستحق جوابا إلا قولهم بعد

[8]

أن ساقوا الحديث الأول عن أبي سعيد الآتي وحديث أبي هريرة:

فيستفاد من الحديثين أنها تصح بالمصلى وفي المسجد وأن كلا فيه ثواب

كما أنه يستفاد من الحديث الأول أن الأفضل صلاتها في الصحراء لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك

قلت: فانظر إليهم أيها القارئ الكريم كيف عادوا إلى الصواب الذي ندعوا إليه وبذلك نقضوا معنا كلامهم السابق ولكن أتظن أنهم يستقرون عليه؟ لا فقد عادوا من حيث بدؤوا فقالوا: بعد أن نقلوا عن الحافظ ابن حجر كلام الإمام الشافعي الآتي قالوا:

فمن أمعن النظر فيما تقدم مع حديث البخاري (1) عن أم عطية:

أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض


(1) قلت: عزوه للبخاري باللفظ الآتي خطأ وإنما هو لمسلم (3/ 20 - 21 - استانبول)
[9]

وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة "
وفي لفظ " المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين "
علم أن السبب في مواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة في المصلى " هو: أما كون مسجده صلى الله عليه وسلم لا يتسع للرجال والنساء في ذلك اليومين أو أن المسجد لا يصلح لحضور الحيض "
أقول: لقد تأملنا هذا الكلام كله فوجدناه لا طائل تحته كسائر كلامهم
فإننا لو سلمنا أن مسجده صلى الله عليه وسلم كان لا يتسع للرجال والنساء فإن الأمر كذلك في مساجدنا لا يتسع واحد منها لجميع المصلين فحينئذ يبقى مشروعية الخروج إلى المصلى ساري المفعول وهذا هو المطلوب
ثم إذا كان المسجد لا يصلح عندهم لحضور الحيض فهو اعتراف منهم بأن المصلى يصلح لحضورهن فإذا التزموا الصلاة في المسجد فقد منعوهن من أن " يشهدن الخير ودعوة المسلمين "
[10]

وهذا خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي عزوه للبخاري فالحديث من أدلتنا على أن الصلاة ينبغي أن تكون في المصلى لا في المسجد لأن المسجد مهما كبر لا يمكن أن يتسع لحضور جميع الجنسين فيه باعترافهم؟
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير