زادُ المعتَكفِين: سُننُ الاعنكَاف وآدابُهُ للشيخِ - محمَّد المُخْتار الشنقيطيُّ - عضو هيئة كبار العلماء
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[08 - 09 - 09, 08:29 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد سُئل الشيخُ حفظه اللهُ وتلاهُ وكفاهُ سؤالاً جاءَ فيه:
من أراد الاعكتاف فما هي سننه وآدابه؟
فكان أن وفقه الله لهذا الجواب الذي صدَّرهُ بدعابةٍ للطلبة وللسائل:
- هذه حيلة مكيّة لكنّ الحيلة المكيّة في الخير خير -، على كل حال:
- الاعكتاف من أجل العبادات وأشرف الطاعات شرعه الله في كتابه المبين وبهدي رسوله الأمين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال-تعالى-: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد} وقال-تعالى-: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} وثبت عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه اعتكف وأمر أصحابه-رضوان الله عليهم- الذين اعتكفوا العشر الوسطى من رمضان أن يعتكفوا العشر الباقية تحرياً لليلة القدر.
والأصل عند الأئمة-رحمهم الله- أن الاعكتاف جائز في كل زمان وأنه لايختص برمضان ولكنه في رمضان مؤكد الاستحباب
والدليل على جوازه في سائر السنة عموم الأدلة في كتاب الله عز وجلَّ الواضحة في الدلالة على أن المساجد محل للمعتكفين لم تخص رمضان عن غيره هذا أصل عند العلماء وشبه إجماع ليس هناك أحد يقول لا يجوز الاعتكاف في غير رمضان هذا الذي حُفظ عن الأئمة-رحمهم الله- لثبوت النص في كتاب الله عز وجلَّ دون تفريق.
لكن عند العلماء ما جاء الأصل باستحبابه يقال مثلاً يجوز الاعتكاف لكنه في العشر الأواخر آكد وفي العشر الأواخر أكثر استحباباً هذا الذي نص عليه الأئمة-رحمهم الله- على أنه في العشر الأواخر أكثر استحباباً وأقر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في اعتكافه حينما نذر ولم يسأل هل نذرت في رمضان أو غير رمضان وهذا يدل على أن الاعتكاف جائز في سائر السنة " وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال " كما هو مقرر في الأصول، فالمحفوظ عند العلماء-رحمهم الله- أن الاعتكاف مشروع في كل وقت ولكنه في العشر الأواخر آكد.
- المسألة الثانية: إذا ثبت أنه مشروع والإجماع منعقد على مشرعيته فإنه يشرع في سائر المساجد لكنه إذا نوى أن يعكتف العشر الأواخر فلابد وأن يكون المسجد مسجد جمعة لأنه يجب عليه أن يصلي الجمعة وإذا كانت الجمعة واجبة عليه فلا يمكن أن يشتغل بالنافلة حتى يضيع الفرض ولو أنه خرج للجمعة لبطل اعتكافه، ومن هنا اشترط العلماء والأئمة-رحمهم الله- في العشر الأواخر إذا نواها كاملة أن يكون في مسجد جمعة.
- المسألة الثالثة: أن الأفضل في الاعتكاف أن يكون في المساجد الثلاثة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: {لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة} وهذا نفيٌ مسلطٌ على حقيقةٍ شرعيةٍ محمول على الكمال لورود الدليل الذي يدل على صرفه عن ظاهره مع أن هذا الحديث فيه ضعف عند طائفة من أئمة الحديث-رحمة الله عليهم- لكن على القول بتحسينه يُحمل على الكمال ((لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)) محمول على الكمال وهو النفي المسلط الحقيقة الشرعية الذي دل الأصل على صرفه عن ظاهره كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {لا إيمان لمن لا أمانة له} فإنه لا يدل على كفر من خان الأمانة وإنما المراد نفي الكمال.
- المسألة الرابعة: إذا ثبت أن الاعتكاف الأفضل أن يكون في المساجد الثلاثه فأفضلها وأعظمها ثواباً وأجراً المسجد الحرام؛ وذلك لأنه تجتمع فيه فضيلتان ليستا موجودتين في غيره:
الفضيلة الأولى: الطواف حيث لا يشرع الطواف إلا بالبيت العتيق وهذا العبادة لا تجوز ولا تكون إلا في هذا الموضع أعني المسجد الحرام، ومن هنا فضل المسجد الحرام لوجود هذه المزية.
ثانياً: أن فيه مضاعفة الصلاة إلى مائة ألف وهذه مزية يفضل بها على بقية المسجدين مسجد المدينة والمسجد الأقصى فالمدينة بألف والأقصى بخمس مائة على اختلاف في الروايات.
¥