تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حُرِّمَ لِذَاتِهِ يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَمَا حُرِّمَ لِغَيْرِهِ يُبَاحُ عِنْدَ الحَاجَةِ»، وقاعدة: «مَا حُرِّمَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ أُبِيحَ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ»، ومن أمثلة هذه القاعدة قوله تعالى: ?قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ? [النور: 30 - 31]، قال ابن القيم -رحمه الله- موضِّحًا وجه دلالة هذه الآية: «لَمَّا كان غض البصر أصلاً لحفظ الفرج بدأ بذكره، ولمَّا كان تحريمه تحريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة، ويحرم إذا خيف منها الفساد، ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة، لم يأمر سبحانه بغضه مطلقًا بل أمر بالغضّ منه، وأمَّا حفظ الفرج فواجب بكل حال، لا يباح إلا بحقه، فلذلك عمّ الأمر بحفظه» (9 - «روضة المحبين» لابن القيم (92).).

وممَّا يستدلُّ به من السُّنَّة: سفر أُمِّ كلثوم بنت عقبة ابن أبي مُعَيْطٍ كانت ممَّن خرج إلى رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يومئذٍ-وهي عاتق- فجاء أهلها يسألون النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أن يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم، لما أنزل الله فيهنَّ: ?إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ? [الممتحنة: 10] (10 - أخرجه البخاري في «الشروط» (5/ 312)، باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة، رقم (2711، 2712)، من حديث مروان والمسورة بن مَخْرَمَةَ رضي الله عنهما.)، وكذلك سفر عائشة رضي الله عنها لما تخلفت مع صفوانَ ابنِ المُعَطَّل (11 - أخرجه البخاري في «المغازي» (7/ 431)، باب حديث الإفك، رقم (4141)، ومسلم في «التوبة» (17/ 102)، باب حديث الإفك وقَبول توبة القاذف، من حديث عائشة رضي الله عنها.)، قال ابن تيمية -رحمه الله-: « .. كما نهى عن الخلوة بالأجنبية والسفر معها والنظر إليها لما يفضي من الفساد، ونهاها أن تسافر إلاَّ مع زوجٍ أو ذي محرم .. ثمَّ إنّ ما نُهي عنه لسدِّ الذريعة يُباح للمصلحة الراجحة، كما يباح النظر إلى المخطوبة، والسفر بها إذا خيف ضياعها، كسفرها من دار الحرب، مثل سفر أم كلثوم، وكسفر عائشة لما تخلفت مع صفوان بن المعطَّل، فإنه لم ينه عنه، إلاَّ لأنه يفضي إلى مفسدة فإن كان مقتضيًا للمصلحة الراجحة لم يكن مفضيًا إلى المفسدة» [بتصرف] (12 - «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (23/ 186 - 187).).

فإن انتفت الحاجة فإنَّه يمنع خروجها حَسْمًا للفساد وقطْعًا لمادَّته، وقد جاءت نصوص السُّنَّة في تقرير هذا الأصل واضحة منها: كراهية خروج المرأة في اتبَّاع الجنائز ففي حديث أمِّ عطيَّة رضي الله عنها قالت: «كُنَّا نُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَم يُعْزَمْ عَلَيْنَا» (13 - أخرجه البخاري في «الجنائز»، باب اتباع النساء الجنائز: (1219)، ومسلم في «الجنائز»، باب نهي النساء عن اتباع الجنائز: (2166)، وأحمد: (26758)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.)، ومن أسباب الوقاية من الاختلاط: النهي عنه في الصلاة عند إقامة الصفوف، قال صَلَّى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» (14 - أخرجه مسلم في «الصلاة»، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول: (1013)، وأبو داود في «الصلاة»، باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول: (687)، والترمذي في «الصلاة»، باب ما جاء في فضل الصف الأول: (224)، والنسائي في «الإمامة»، باب ذكر خير صفوف النساء وشر صفوف الرجال: (228)، وابن ماجه في «إقامة الصلاة»، باب صفوف النساء: (1053)، وأحمد: (7565)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)، فرغَّب النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في ابتعاد المرأة عن الرجل، وجعل آخر الصفوف للنساء هو الخير، وهو يدل على أنَّ الإسلام يحبِّذ ابتعاد النساء عن الرجال، وأيضًا كان يقال للنساء: «لاَ تَرْفَعْنَ رُؤوسَكُنَّ حَتَّى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير