تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على الإِسلام وخلَقهم من ظهر آدم، عليه السلام، كالذّرِّ، وأَشْهَدَهم أَنه ربهم وآمنوا، فمن

كفر فقد غيَّر خلق الله، وقيل: هو الخِصاء لأَنَّ من يَخْصِي الفحل فقد غيَّر خَلْقَ الله، وقال

الحسن ومجاهد: فليغيرن خَلْقَ الله، أَي دِينَ الله؛ قال ابن عرفة: ذهب قوم إِلى أَن قولهما

حجة لمن قال الإِيمان مخلوق ولا حجة له، لأَن قولهما دِين الله أَرادا حكم الله، والدِّينُ

الحُكْم، أَي فليغيرن حكم الله والخَلْق الدّين. وأَما قوله تعالى: لا تَبْدِيلَ لخَلْق الله؛ قال قتادة:

لدِين الله، وقيل: معناه أَنَّ ما خلقه الله فهو الصحيح لا يَقدِر أَحد أَن يُبَدِّلَ معنى صحة

الدين. وقوله تعالى: ولقد جئتمُونا فُرادَى كما خَلَقْناكم أَوَّل مرة؛ أَي قُدرتُنا على حَشْركم

كقدرتنا على خَلْقِكم.

و يطلق الخلق أيضا على التقدير قال في اللسان: و خلق الأديم يخلقه خلقا , قدره لما يريد قبل القطع , و قاسه ليقطع منه مزادة أو قربة أو خفا , قال زهير يمدح رجلا.

و لأنت تفري ما خلقت و بعض القوم يخلق ثم لا يفري

يقول: أنت إذا قدرت أمرا قطعته و أمضيته , و غيرك يقدر مالا يقطعه , لأنه ليس بماضي العزم , و أنت مضاء على ما عزمت عليه. اه

أقول: و قد رأيت أهل البادية في الصحراء يدبغون جلد البعير و يقطعونه نعالا , فكلما احتاج أحدهم إلى نعلين يضع قدمه اليمنى على قطعة كبيرة من الجلد المذكور , فيأتي الشخص الذي يقطع النعلين و يخط خطا إلى جانب القدم دائرا بها و ذلك هو الخلق , ثم يقطع النعل على ذلك التخطيط , و ذلك القطع هو الفري , ثم يفعل ذلك بالقدم الأخرى , فتجيء النعلان على قدر القدمين بلا زيد و لا نقص: فقول الشاعر

و لأنت تفري ما خلقت و بعض القوم يخلق ثم لا يفري

يريد أن ممدوحه متى عزم على شيء نفذ عزمه , و غيره يعزم و يقدر , ثم لا ينفذ شيئا , لأنه خائر العزيمة , ضعيف الإرادة.

و المعنى الثالث للخلق هو الكذب: قال تعالى في سورة العنكبوت ((إنما تعبدون من دون الله أوثانا و تخلقون إفكا)) أي تكذبون كذبا. و قال الشاعر:

لي حيلة فيمن ينم (()) و ليس في الكذب حيلة

من كان يخلق ما يقو (()) ل فحيلتي فيه قليلة

(تقويم اللسانين ص 14/ 16) بتصرف

و بهذا فقد علم إن شاء الله تعالى أن كلمة الخلق يستعملها كثيرا من الناس في غير موضعها الذي ارتضته لها العرب العرباء و نص عليه أهل العلم الأكفاء و هي خاصة بالله رب العالمين , و ذلك عند قصد الإيجاد و الإنشاء

قال عز من قائل

((أفمن يخلق كمن لا يخلق , أفلا تذكرون))

و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين

ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[05 - 04 - 09, 04:07 م]ـ

جزاك الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير