[الصفة الثامنة عند الأشاعرة إدراك المذوقات والمشمومات والملموسات]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[02 - 05 - 09, 02:25 م]ـ
[الصفة الثامنة عند الأشاعرة إدراك المذوقات والمشمومات والملموسات]
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
الصفة الثامنة عند الأشاعرة على خلاف بينهم بين إثباتها ونفيها صفة الإدراك ويعنون بذلك الإدراكات الثلاث إدراك المشمومات والملموسات والمذوقات وبعضهم طرد ذلك في الإدراكات الخمس وبعضهم طرد ذلك إلى إدراك الألم واللذة.
قال الجويني:الإدراكات خمسة: أحدها البصر المتعلق بقبيل المرئيات والثاني: السمع المتعلق بالأصوات والثالث: الإدراك المتعلق بالروائح والرابع الإدراك المتعلق بالطعوم والخامس الإدراك المتعلق بالحرارة والبرودة واللين والخشونة.
والحاسة في اصطلاح المحققين هي الجارحة التي يقوم ببعضها الإدراك وقد يعبر بالشم واللمس والذوق عن الإدراكات تجويزا.
وهذه العبارات منبئة عند المحصلين عن اتصالات بين الحواس وبين أجسام تدرك ويدرك أعراض لها وليست الاتصالات إدراكات ولا شرائط فيها , وإن استمرت العادات بها والدليل عليه أنك تقول شممت الشيء فلم أدرك ريحه وذقته فلم أجد طعمه ولمسته فلم أدرك حرارته وذلك يحقق أنه ليس المراد بها في الإطلاق أنفس الإدراكات.
وعد أئمتنا رضي الله عنهم من الإدراكات وجدان الحي من نفسه الآلام واللذات وسائر الصفات المشروطة بالحياة ولا سبيل إلى القول بأن وجدان هذه الصفات هو العلم بها فإن الإنسان قد يضطر إلى العلم بتألم غيره ويجد من نفسه الألم المختص به ويفرق ببديهة عقله بين وجدانه ذلك من نفسه وبين علمه بألم غيره.
الإرشاد (174)
وقال الجويني: فإن قيل: قد قدمتم في الصفات الواجبة أن الرب تعالى سميع بصير وأثبتم العلم بالسمع والبصر فهل تثبتون للباري تعالى سائر الادراكات؟ قلنا: الصحيح عندنا إثباتها والدال على إثبات العلم بالسمع والبصر دال على جميع الإدراكات.
الإرشاد (186)
وقال البيجوري في "شرح الجوهرة" (121): "والإدراك في حق الحادث هو تصور حقيقة الشيء المدرك, وأما في حقه تعالى على القول به فهو صفة قديمة قائمة بذاته تعالى تسمى الإدراك. قيل: إنه يدرك بها كل موجود. وقيل: يدرك بها الملموسات كالنعومة, والمشمومات كالروائح, والمذوقات كالحلاوة من غير اتصال بمحالها التي هي الأجسام, ولا تكيف بكيفيتها لأن الاتصال والتكيف إنما هو عادي في حصول الإدراك وقد ينفك.
وقد صرح بعض المتأخرين بأنها صفة واحدة لكن الواقع في كتب علم الكلام أنها ثلاث صفات: إدراك الملموسات, وإدراك المشمومات, وإدراك المذوقات, ودليل المثبتين لها كالباقلاني وإمام الحرمين بأنها كمال, وكل كمال واجب لله.
لأنه لو لم يتصف بها لا تصف بضدها, وهو نقص, والنقص عليه تعالى محال؛ فوجب أن يتصف بها على ما يليق به من غير اتصال بالأجسام ومن غير وصول اللذات, والآلام له تعالى.
نقد هذا القول
1 - أهل السنة والجماعة في مثل هذه الصفات بتفاصيلها مرجعهم في إثباتها السمع وليس العقل , فما ثبت في الكتاب والسنة هو المعول عليه , وما سكت عنه فلا يجوز القول فيه بلا علم قال تعالى: {وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون} ولكن الأشاعرة لا يستغرب منهم مثل ذلك لتعويلهم في الإثبات والنفي على العقل.
2 - الإدراكات عند الأشاعرة أمرا زائدا عن العلم ,ولذلك قال الجويني: فإن الإنسان قد يضطر إلى العلم بتألم غيره ويجد من نفسه الألم المختص به ويفرق ببديهة عقله بين وجدانه ذلك من نفسه وبين علمه بألم غيره.
الإرشاد (174)
¥