[من أعمال الملائكة الأبرار]
ـ[د. محمد بن عدنان السمان]ــــــــ[02 - 05 - 09, 02:36 م]ـ
علم التوحيد أجل العلوم وأشرفها فهو العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته وحقوقه على عباده،والتوحيد هو ما جاءت به الرسل ودعت إليه، قال الله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25).
فشأن التوحيد عظيم والعناية به أمر لازم على المسلم، وإن من أبوابه الكبيرة أركان الإيمان أو ما يسمى أصول الإيمان أو أسس العقيدة الإسلامية، وهي ستة أركان:
الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وقد دل عليها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أتت هذه الأركان مفصلة في كتاب الله في قوله عز وجل (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) (البقرة: 177) وهذه الآية ذكرت خمسة من الأركان وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأما الركن السادس وهو الإيمان بالقدر فدليله قول الله تعالى (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ، وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (القمر:49 - 50)
وجاءت هذه الأركان أيضاً مفصلة كذلك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث جبريل الطويل – المشهور- بيان لهذه الأصول فقد سأل جبريل عليه السلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم (الإيمان أن تؤمن بالله ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) أخرجه الإمام مسلم وغيره.
ثم إنه مما تقدم يتبين أن الإيمان بالملائكة يأتي ثانياً بعد الإيمان بالله وقبل الإيمان بالكتب والإيمان بالرسل،ولعل الحكمة في ذلك -والله أعلم -أن الملك يرسله الله بالكتاب للرسول وهذا ماقرره الإمام ابن حجر رحمه الله حيث قال - تعليلاً لذلك-: (وقدم الملائكة على الكتب والرسل نظراً للترتيب الواقع لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول).
فالإيمان بالملائكة أحد أصول الإيمان وأركانه وينبنى على الإيمان بالملائكة كذلك الإيمان بالكتب والرسل، جاء في تفسيرصفوة الآثار ما نصه (فالإيمان بالملائكة أصل للإيمان بالرسل ومن اعتراه شيء من الشك في أصلهم فلا يستبعد منه إنكار الوحي كما حصل فعلاً من ملاحدة هذا الزمان).
والملائكة عالم غيبي خلقه الله سبحانه وتعالى وعددهم كبير جداً، يكفي في بيان كثرتهم ماثبت في حديث الإسراء من أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى البيت المعمور سأل جبريل عليه السلام عنه فقال هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم
فانظروا يارعاكم الله إلى العدد العظيم الكبير للملائكة إذ في اليوم الواحد يدخل سبعون ألفاً ولايعودون، فسبحان خالقهم جل جلاله،وتبارك اسمه، وتعالى سلطانه، ولاإله غيره.
ولهم أعمال ثابتة في الكتاب والسنة منها (وهذه الأعمال قد تكون لجميع الملائكة وقد يختص بها البعض منهم):
1. توحيد الله تعالى والشهادة على ذلك، قال جل ذكره {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} آل عمران18.
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره: (هذه أجل الشهادات الصادرة من الملك العظيم ومن الملائكة وأهل العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيد الله وقيامه بالقسط وذلك يتضمن الشهادة على جميع الشرع وجميع أحكام الجزاء فإن الشرع والدين أصله وقاعدته توحيد الله وإفراده بالعبودية والاعتراف بانفراده بصفات العظمة والكبرياء والمجد والعز والقدرة والجلال ونعوت الجود والبر والرحمة والإحسان والجمال وبكماله المطلق الذي لا يحصي أحد من الخلق أن يحيطوا بشيء منه أو يبلغوه أو يصلوا إلى الثناء عليه والعبادات الشرعية والمعاملات وتوابعها والأمر والنهي كله عدل وقسط لا ظلم فيه ولا جور بوجه من الوجوه بل هو في غاية الحكمة والإحكام والجزاء على الأعمال الصالحة والسيئة كله قسط وعدل قل أي
¥