تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تناقضات الاشعرية (3): إدخال بعضهم أعمال القلب في الإيمان وإخراجهم أعمال الجوارح]

ـ[محمد براء]ــــــــ[17 - 04 - 09, 03:36 م]ـ

[تناقضات الاشعرية (3): إدخال بعضهم أعمال القلب في الإيمان وإخراجهم أعمال الجوارح]

أجمع السلف على أن الإيمان قول وعمل كما حكاه الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه وغيره، وخالفهم في ذلك الوعيدية والمرجئة، ومع أن الفريقين على طرفي نقيض، فقد اتفقوا على حقيقة بدعية نتج عنها قول كل طائفة وهي أن الإيمان شيء واحد لا يتبعض.

قال شيخ الإسلام علم الأعلام مفتي الفرق تقي الدين أحمد بن عد الحليم بن عبد السلام الحراني رحمه الله تعالى في شرح عقيدة الأصفهاني ص143: " وإنما أوقع هؤلاء المرجئة كلهم ما أوقع الخوارج والمعتزلة في ظنهم أن الإيمان لا يتبعض بل إذا ذهب بعضه ذهب كله.

أما أئمة السنة والجماعة فعلى إثبات التبعيض في الاسم والحكم، فيكون مع الرجل بعض الإيمان لا كله، ويثبت له من حكم أهل الإيمان وثوابهم بحسب ما معه، كما يثبت له من العقاب بحسب ما عليه، وولاية الله تعالى بحسب إيمان العبد وتقواه، فيكون مع العبد من ولاية الله تعالى بحسب ما معه من الإيمان والتقوى ".

والأشعرية من جملة المرجئة، المخرجين الأعمال من الإيمان، قرروا أن الإيمان شيء واحد هو التصديق، وظنوا أن الوعيدية لا يبطل قولهم بتكفير الفاسق المرتكب للكبيرة إلا إذا أخرجوا الأعمال من الإيمان، قال المتكلم الأصولي النظار أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني المعروف بإمام الحرمين رحمه الله تعالى في كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد ص379 بعد أن ذكر القول المرضي عنده بأن حقيقة الإيمان هي التصديق: " ثم الغرض من هذا الفصل أن من مذهب أهل الحق وصف الفاسق بكونه مؤمناً، والدليل تسميته مؤمناً من حيث اللغة أنه مصدق على التحقيق ".

قال مقيده عفا الله عنه: رغم هذا التقرير بأن الإيمان شيء واحد هو التصديق، فقد وقع في كلام بعض الأشعرية أن أعمال القلب كالإذعان والخضوع تدخل في حقيقة الإيمان، وهذا القول يناقض القول بأن الإيمان شيء واحد هو التصديق.

قال الشيخ برهان الدين إبراهيم الباجوري أستاذ الأشعرية المتأخرين رحمه الله تعالى في تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد للقاني ص91 - 91 عند قوله:

وفُسِّرَ الإيمانُ بالتصدَّيقِ = والنُطقُ فيهِ الخلفُ بالتحقيقِ

قال: " (بالتصديق) أي: التصديق المعهود شرعاً وهو تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به، وعلم من الدين بالضرورة.

والمراد بتصديق النبي في ذلك: الإذعان لما جاء به، والقبول له، وليس المراد وقوع نسبة الصدق إليه في القلب من غير إذعان وقبول له حتى يلزم الحكم بإيمان كثير من الكفار الذين كانوا يعرفون حقيقة نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم، ومصداق ذلك قوله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} ".

قال شيخ الإسلام في كتاب الإيمان ضمن مجموع الفتاوى (7/ 550) بعد أن أورد كلام الأشعري في مذاهب المرجئة: " عَامَّةَ فِرَقِ الْأُمَّةِ تُدْخِلُ مَا هُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ حَتَّى عَامَّةِ فِرَقِ الْمُرْجِئَةِ تَقُولُ بِذَلِكَ ".

ما يلزمهم من هذا التناقض:

يلزم الأشعرية من تناقضهم هذا أحد أمرين:

الأول: أن يدخلوا أعمال الجوارح أيضاً، لأنهم أثبتوا أن الإيمان ليس شيئاً واحداً بل مركب من التصديق وعمل القلب، فليدخل في عمل الجوارح أيضاً.

الثاني: أن يخرجوا أعمال القلب، فيصير مذهبهم مطابقاً لمذهب الجهم بن صفوان في أن الإيمان هو التصديق، وهذا القول يلزم عليه إيمان فرعون واليهود، وقد كفر الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام الجهمية بهذا القول، وكذا الإمام وكيع بن الجراح وإمام أهل السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنهم.

قال شيخ الإسلام (7/ 194): " إذَا لَمْ يُدْخِلُوا أَعْمَالَ الْقُلُوبِ فِي الْإِيمَانِ لَزِمَهُمْ قَوْلُ جَهْمٍ، وَإِنْ أَدْخَلُوهَا فِي الْإِيمَانِ لَزِمَهُمْ دُخُولُ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ أَيْضًا ".

ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[17 - 04 - 09, 03:57 م]ـ

جزاك الله خيراً شيخنا أبا الحسنات.

حتى قول الجهم قد يكون فيه إدخال عمل القلب في الإيمان، فإن معرفة الرب من عمل القلب وكسبه.

قال البخاري رحمه الله في الصحيح: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله، وأن المعرفة فعل القلب لقول الله تعالى ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم".

والله أعلم.

ـ[محمد براء]ــــــــ[17 - 04 - 09, 04:13 م]ـ

جزاك الله خيراً شيخنا أبا الحسنات.

حتى قول الجهم قد يكون فيه إدخال عمل القلب في الإيمان، فإن معرفة الرب من عمل القلب وكسبه.

قال البخاري رحمه الله في الصحيح: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله، وأن المعرفة فعل القلب لقول الله تعالى ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم".

والله أعلم.

أحسن الله إليك.

لا، لأن المعرفة التي أرادها الجهم ليست هي المعرفة التي أرداها الإمام البخاري، ولا يصح تفسير كلام ذاك بكلام هذا، بل ينظر في مراد جهم مما نقله عنه أئمة السنة.

ومعلوم أن أئمة السنة وكيعاً والقاسم بن سلام وأحمد كفروا جهماً بهذا القول، وألزموه الحكم بإيمان فرعون وهذا يدل أن المعرفة عنده ليست هي المعرفة التي أرادها البخاري.

ولم يرد البخاري إلا أن يثبت أن للقلب فعلاً وكسباً، بقوله تعالى: "ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" وهذا من الأدلة لأهل السنة على أن للقلب عملاً كما أن للجوارح عمل.

قال ابن رجب: " مراده بهذا التبويب: أن المعرفة بالقلب التي هي أصل الإيمان فعل للعبد وكسب له، واستدل بقوله تعالى {بِمَاكَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] فجعل للقلوب كسبا كما جعل للجوارح الظاهرة كسبا.

والمعرفة مركبة من تصور وتصديق، فهي تتضمن علما وعملا وهو تصديق القلب، فإن التصور قد يشترك فيه المؤمن والكافر، والتصديق يختص به المؤمن، فهو عمل قلبه وكسبه ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير