تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تناقضات الأشعرية (6): إثباتهم لصفات لها معاني مختلفة، وقولهم بأن كلام الله تعالى معنى واحد]

ـ[محمد براء]ــــــــ[25 - 06 - 09, 11:32 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تناقضات الأشعرية (6): إثباتهم لصفات لها معاني مختلفة، وقولهم بأن كلام الله تعالى معنى واحد.

الكلام النفسي بدعة من بدع الكلابية والأشعرية التي لم يقل بها أحد قبل عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري رحمه الله تعالى، وعنه تقلدها أئمة الأشعرية.

قالوا: " كلام الله معنى قائم بذات الله، هو الأمر بكل مأمور أمر به والخبر عن كل مخبر أخبر الله عنه، إن عُبِّر عنه بالعربية كان قرآناً، وإن عُبِّر عنه بالعبريَّة كان توراة، وإن عُبِّر عنه بالسريانية كان إنجيلاً، والأمر والنهي والخبر ليست أنواعاً له ينقسم الكلام إليها، وإنما كُلُّها صفات له إضافية كما يوصف الشخص واحد بأنه ابن لزيد وعم لعمرو وخال لبكر ".

والأشعرية يثبتون صفاتٍ لله تعالى، مخالفين بذلك الجهمية المعتزلة والفلاسفة، القائلين بأن: " القديم ذات واحدة قديمة، ولا يجوز إثبات ذوات قديمة متعددة، وإنما الدليل يدل على كونه عالماً قادراً حياً، لا على العلم والقدرة والحياة، وزعموا أن العلمية حال للذات وليست بصفة ".

وقريب من مذهب هؤلاء - وليس هو عينه - ما حكاه الإمام أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله تعالى عن الجهمية ص110 - 111 في رده عليهم؛ أن الله تعالى ليس له علم به يعلم، ولا هو يسمع بسمع، ولا يبصر ببصر إنما سمعه وبصره وعلمه بزعمهم شيء واحد، فلا السمع عندهم غير البصر ولا البصر غير السمع، ولا العلم غير البصر هو كله بزعمهم سمع وبصر.

قال مقيده عفا الله عنه: لما كان الأشعرية جامعين بين هذه الأمرين: وهما مخالفةُ الجهمية والفلاسفة في إثبات صفاتٍ لها معاني زائدة عن الذات، وقولُهم بأن الكلام معنى واحد قائم بالذات، أُورد عليهم إشكالٌ كبير، أورده عليهم مخالفوهم، كالإمام الفقيه أبي محمد بن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى في حكايته لمناظرة جرت بينه وبين بعض أشعرية زمانه ص34، وهو الوجه الثالث والثلاثون الذي ذكره شيخ الإسلام في التسعينية التي أبطل بها الكلام النفسي ص705 - 707، وقبلهما ذكره أئمة الأشعرية أنفسهم في كتبهم ثم لا ينفصلون عنه بجواب مستقيم.

قال الغزالي في الاقتصاد في تقرير هذا الإشكال: " قولكم " أمرٌ " مفهومه عين المفهوم من قولكم " آمرٌ وناه ومخبرٌ " أو غيره؟ فإن كان عينه فهو تكرار محض، وإن كان غيره فليكن له كلام هو أمر، وآخر هو نهي، وآخر هو خبر، وليكن خطاب كل شيء مفارقاً لخطاب غيره، فإن جاز أن تكون صفة واحدة تكون هي الأمر وهي النهي وهي الخبر وتنوب عن هذه المختلفات، جاز أن تكون صفة واحدة تنوب عن العلم والقدرة والحياة وسائر الصفات.

ثم إذا جاز ذلك؛ جاز أن تكون الذات بنفسها كافية ويكون فيها معنى القدرة والعلم وسائر الصفات من غير زيادة، وعند ذلك يلزم مذهبُ المعتزلة والفلاسفة ".

وكان للأشعرية في الجواب عن هذا الإشكال مسالك:

المسلك الأول: الرجوع إلى الإجماع، قالوا: " نحن إنما أثبتنا تعدد الصفات بالإجماع لا بالعقل، لأن الناس إما مثبت للصفات وإما ناف لها والمثبتون يقولون بتعددها، فالقول بإثباتها واتحادها خرق للإجماع ".

وهذا هو مسلك القاضي الباقلاني نقله عنه الفخر الرازي في نهاية العقول كما في التسعينية ص707، وعزاه ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (12/ 123) للجويني.

وانتقد الغزالي هذا المسلك في الاقتصاد قال بعد إيراده الإشكال: " وقد كَعَّ عنه أكثر المُحصِّلين وعدلوا إلى التمسك بالكتاب والإجماع، وقالوا: هذه الصفات قد ورد الشرع بها، إذ دل الشرع على العلم وفُهِم منه الواحد لا محالة، والزائد على الواحد لم يرد فلا يعتقده.

وهذا لا يكاد يشفي، فإنه قد ورد بالأمر والنهي والخبر والتوراة والإنجيل والقرآن فما المانع من أن يقال: الأمر غير النهي والقرآن غير التوراة؟ ".

وقال ابن تيمية في التسعينية ص 707 بعد نقل كلام الباقلاني: " وهذه الحجة وإن كانت صحيحة فلا يمكن طردُهَا، فإنه لا إجماع على أن الكلام النفسي معنى واحد ".

ومن المعلوم أن الدليل الصحيح يجب طرده ولا يجب عكسه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير