تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الرد على قبوري محتج بشبهة إجماع الصحابة (الشيخ فركوس)]

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[26 - 04 - 09, 04:25 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على قبوري محتج بشبهة إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -

بقلم: الشيخ د. محمد علي فركوس - حفظه الله -

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فقد احتجَّ من يستحبُّ الصلاةَ في المساجد المبنية على الأضرحة والقبور - هداه الله - بشُبهة إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، وقد جاء نصُّ احتجاجه على ما يلي:

«أمَّا فِعل الصحابة - رضي الله عنهم - يتَّضح في موقف دفن سيِّدنا رسول الله - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - واختلافهم فيه، وهو ما حكاه الإمام مالك - رضي الله عنه - عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكانِ دَفْنِ الحبيب - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - فقال: «فقال ناسٌ: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - يقول: «مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِيَّ فِيهِ فَحفرَ لَهُ فِيهِ» (1)، ووجه الاستدلال أنَّ أصحاب رسول الله - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - اقترحوا أن يدفن - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - عند المنبر وهو داخل المسجد قطعًا، ولم ينكر عليهم أحدٌ هذا الاقتراح، بل إنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - اعترض على هذا الاقتراح ليس لحرمة دفنه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - في المسجد، وإنما تطبيقًا لأمره - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - بأن يُدفن في مكانِ قَبْضِ روحه الشريف - صَلَّى الله عليه وآله وسلم -.

وبتأمُّلنا إلى دفنه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - في ذلك المكان؛ نجد أنه - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - قُبض في حجرة السيِّدة عائشة - رضي الله عنها -، وهذه الحجرة كانت متصلةً بالمسجد الذي يصلي فيه المسلمون. فوضع الحجرة بالنسبة للمسجد كان - تقريبًا - هو نفس وضع المساجد المتصلة بحجرة فيها ضريح لأحد الأولياء في زماننا، بأن يكون ضريحه متصلاً بالمسجد والناس يصلون في صحن المسجد بالخارج.

وهناك من يعترض على هذا الكلام ويقول: إنَّ هذا خاصٌّ بالنبي - صَلَّى الله عليه وآله وسلم -، والردُّ عليه أنَّ الخصوصية في الأحكام بالنبيِّ - صَلَّى الله عليه وآله وسلم -تحتاج إلى دليل، والأصل أنَّ الحكم عامٌّ ما لم يرد دليلٌ يثبت الخصوصيةَ، ولا دليل، فَبَطَلَتْ الخصوصية المزعومة في هذا الموطن، ونزولاً على قول الخصم من أنَّ هذه خصوصية للنبيِّ - صَلَّى الله عليه وآله وسلم - وهو باطل كما بيَّنَّا - فالجواب أنَّ هذه الحجرة دفن فيها سيدنا أبو بكر - رضي الله عنه -، ومن بعده سيدنا عمر - رضي الله عنه -، والحجرة متَّصلة بالمسجد، فهل الخصوصية انسحبت إلى أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أم ماذا؟ والصحابة يصلون في المسجد المتصل بهذه الحجرة التي بها ثلاثة قبور، والسيدة عائشة - رضي الله عنها - تعيش في هذه الحجرة، وتصلي فيها صلواتها المفروضة والمندوبة، ألا يُعدُّ هذا فعل الصحابة وإجماعًا عمليًّا لهم».

فالجواب عنه على التفصيل التالي:

- إنَّ ما استند إليه القبوريُّ - هداه الله - من حديث مالكِ بن أنسٍ - رحمه الله - بقوله: «وهو ما حكاه مالك - رحمه الله - عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -» فإنما أورده مالك - رحمه الله - في «الموطأ» بلاغًا منقطعًا دون إسناد، وجاء في سياقه «أنه بلغه أنَّ رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء وصَلَّى الناس عليه أفذاذًا، لا يؤمُّهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يقول: مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ .. » (2).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير