تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المشابهه بين أهل التأويل واليهود للعلامه محمد الامين الشنقيطي رحمه الله]

ـ[أبو اسحاق الصبحي]ــــــــ[26 - 05 - 09, 10:41 ص]ـ

يقول العلامه محمد الامين الشنقيطي رحمه الله تعالى في كتابه أضواء البيان

(335/ 7):

((وقالوا على العرش استوى: مجاز فنفوا الاستواء، لأنه مجاز.

وقالوا: معنى استوى: استولى، وشبهوا استيلاءه باستيلاء بشر بن مروان على العراق.

ولو تدبروا كتاب الله، لمنعهم ذلك من تبديل الاستواء بالاستيلاء، وتبديل اليد بالقدرة، أو النعمة، لأن الله جل وعلا يقول في محكم كتابه في سورة البقرة {فَبَدَّلَ ?لَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ?لَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ?لَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مِّنَ ?لسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}. ويقول في الأعراف {فَبَدَّلَ ?لَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ ?لَّذِى قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ ?لسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ} فالقول الذي قاله الله لهم، هو قوله حطة، وهي فعلة من الحط بمعنى الوضع خبر مبتدأ محذوف أي دعاؤنا ومسألتنا لك حطة لذنوبنا أي حط ووضع لها عنا فهي بمعنى طلب المغفرة، وفي بعض روايات الحديث في شأنهم أنهم بدلوا هذا القول بأن زادوا نوناً فقط فقالوا حنطة وهي القمح.

وأهل التأويل قيل لهم على العرش استوى.

فزادوا لا ما فقالوا استولى.

وهذه اللام التي زادوها أشبه شيء بالنون التي زادها اليهود في قوله تعالى {وَقُولُواْ حِطَّةٌ}. ويقول الله جل وعلا في منع تبديل القرآن بغيره: {قُلْ مَا يَكُونُ لِى? أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِى? إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى? إِلَىَّ إِنِّى? أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.

ولا شك أن من بدل استوى باستولى مثلاً لم يتبع ما أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فعليه أن يجتنب التبديل ويخاف العذاب العظيم، الذي خافه رسول الله صلى الله عليه وسلم لو عصا الله فبدل قرآناً بغيره المذكور في قوله {إِنِّى? أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.

واليهود لم ينكروا أن اللفظ الذي قاله الله لهم: هو لفظ حطة ولكنهم حرفوه بالزيادة المذكورة.

وأهل هذه المقالة، لم ينكروا أن كلمة القرآن هي استوى، ولكن حرفوها وقالوا في معناها استولى وإنما أبدلوها بها، لأنها أصلح في زعمهم من لفظ كلمة القرآن، لأن كلمة القرآن توهم غير اللائق، وكلمة استولى في زعمهم هي المنزهة اللائقة بالله مع أنه لا يعقل تشبيه أشنع من تشبيه استيلاء الله على عرشه المزعوم، باستيلاء بشر على العراق.

وهل كان أحد يغالب الله على عرشه حتى غلبه على العرش، واستولى عليه؟

وهل يوجد شيء إلا والله مستول عليه، فالله مستول على كل شيء.

وهل يجوز أن يقال إنه تعالى استوى على كل شيء غير العرش؟

فافهم.

وعلى كل حال، فإن المؤول، زعم أن الاستواء يوهم غير اللائق بالله لاستلزامه مشابهة استواء الخلق، وجاء بدله بالاستيلاء، لأنه هو اللائق به في زعمه، ولم ينتبه.

لأن تشبيه استيلاء الله على عرشه باستيلاء بشر بن مروان على العراق هو أفظع أنواع التشبيه، وليس بلائق قطعاً، إلا أنه يقول: إن الاستيلاء المزعوم منزه، عن مشابهة استيلاء الخلق، مع أنه ضرب له المثل باستيلاء بشر على العراق والله يقول {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ?لاٌّمْثَالَ إِنَّ ?للَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.

ونحن نقول: أيها المؤول هذا التأويل، نحن نسألك إذا علمت أنه لا بد من تنزيه أحد اللفظين أعني لفظ {?سْتَوَى?} الذي أنزل الله به الملك على النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً يتلى، كل حرف منه عشر حسنات ومن أنكر أنه من كتاب الله كفر.

ولفظة استولى التي جاء بها قوم من تلقاء أنفسهم من غير استناد إلى نص من كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من السلف.

فأي الكلمتين أحق بالتنزيه في رأيك. الأحق بالتنزيه كلمة القرآن، المنزلة من الله على رسوله، أم كلمتكم التي جئتم بها، من تلقاء أنفسكم، من غير مستند أصلاً؟

ونحن لا يخفى علينا الجواب الصحيح، عن هذا السؤال إن كنت لا تعرفه.

واعلم أنما ذكرنا من أن ما وصف الله به نفسه من الصفات، فهو موصوف به حقيقة لا مجازاً، على الوجه اللائق بكماله وجلاله.

وأنه لا فرق ألبتة بين صفة يشتق منها وصف، كالسمع والبصر والحياة.

وبين صفة لا يشتق منها كالوجه واليد.

وأن تأويل الصفات كتأويل الاستواء بالاستيلاء لا يجوز ولا يصح.

هو معتقد أبي الحسن الأشعري رحمه الله.

وهو معتقد عامة السلف، وهو الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

فمن ادعى على أبي الحسن الأشعري، أنه يؤول صفة من الصفات، كالوجه واليد والاستواء، ونحو ذلك فقد افترى عليه افتراء عظيماً.

بل الأشعري رحمه الله مصرح في كتبه العظيمة التي صنفها بعد رجوعه عن الاعتزال، (كالموجز)، (ومقالات الإسلاميين واختلاف المصلين)، (والإبانة عن أصول الديانة) أن معتقده الذي يدين الله به هو ما كان عليه السلف الصالح من الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وإثبات ذلك كله من غير كيف ولا تشبيه ولا تعطيل.

وأن ذلك لا يصح تأويله ولا القول بالمجاز فيه.

وأن تأويل الاستواء بالاستيلاء هو مذهب المعتزلة ومن ضاهاهم.

وهو أعلم الناس بأقوال المعتزلة لأنه كان أعظم إمام في مذهبهم، قبل أن يهديه الله إلى الحق، وسنذكر لك هنا بعض نصوص أبي الحسن الأشعري رحمه الله لتعلم صحة ما ذكرنا عنه.))

ثم أخذ يذكرلأقوال أبي الحسن الأشعري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير