تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف يبحث سعيد فودة عن الحقيقة؟ لمحمد العواودة]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[11 - 07 - 09, 12:32 ص]ـ

هذا مقال لكاتب وباحث أردني من خلفية أشعرية كتب هذا المقال عن سعيد فودة في نقده لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

كيف يبحث سعيد فودة عن الحقيقة؟

محمد العواودة

من أهم ما يميز الفكر الصادق، أنه فكر حر، لا يبحث إلا عن الحقيقة، وهو ما يُلزم الذات بالاتصال والانفصال معرفيا مع موضوعها عند نقد المعرفة - التي تطلب الحق والحقيقة - بحسب ما يتوافر لها من حق على مطلب البحث، الذي تكون فيه الحقيقة مطلبا رئيسيا ليس إلا.

وتأسيسا على ذلك، فليس أظلم من ناقد للمعرفة، وهو يمارس النقد تحت طائل طلب الحقيقة، أن يدعي سلفا أنه توصل للحق " مطلقا "، والأظلم منه، أن يدعي الحق من فكر جاهز، فتكون الحقيقة هي ما تمثله تلك الأفكار والأحكام المعدة سلفا، والملقنة في اللاوعي تلقينا؛ حيث تكون الحقيقة امتصت امتصاصا من معارف مسبقة لتصديرها إلى الوعي العام كحقائق ويقينيات مطلقة، وإذ ذاك فان دعوى البحث الحر تكون تكرارا، وتكريسا للانتصار لتلك للمعرفة المعدة سلفا،أوتشويشا على الحقائق الأخرى التي تكون ضدا على مفاهيمه، أو حقائقه التي يرى أنها مطلقة، حيث يجب أن لا تخضع للخطأ أو للنقد.

هذا على الأقل، ما يمكن للمطالع في كتابات سعيد فودة أن يخرج به من تصورات وفهوم من تلك الكتابات، ومن تشخيص للذهنية التي يتحرك فيها هاجس الكاتب في صياغته للمعرفة التي يسميها " نقدا " لاستخلاص الحق من بين الفكر المضطرب، ولكن القاريء المدقق لتلك الكتابات،لا يحتاج إلى كبير جهد حتى يعرف من صريح عباراته انه لا ينتمي بشكل من الأشكال إلى الفكر الحر الذي يبحث عن الحقيقة، التي من أهم شروطها فصل الذات عن الموضوع كما قلنا، حتى يتسنى استخلاص الحق من بين اضطراب الأفكار.

كرس فودة معظم كتاباته في نقد المعارف الدينية التي أسس لها ابن تيمية، وهذا من حقه كباحث عن الحقيقة، ولكن النقد عندما ينطلق من هاجس معرفي آو موجه ايدولوجي، كما سيتبين لاحقا، فانه لا مجال لحاذق أن يسمي ذلك النقد نقدا ولا الحقيقة حقيقة وحقا، لأن الحقيقة ببساطة ستكون متصلة في الذات المتوترة، الملقنة بالأفكار والآراء المسبقة تلقينا، وهو بالضبط ما ينطلق به فودة في كتاباته.

وحيث أنه ليس من مقصود هذا المقال الدفع عن آراء وأفكار ابن تيمية وإن كانت جديرة بذلك، فيما أنتجه من معارف مميزة في دقيق المعرفة وجليلها، كباحث ومفكر غير ملقن، مع اعتقادنا أنه يطرد عليه من سنن الكون كما يطرد على غيره في غير المعصومين من احتمال للصواب والخطأ، وهو ما يستوجب على المنصف الدفع عما أصاب فيه وعذره فيما أخطأ فيه، إلا أن هذا المقال يحاول الكشف عن منهجية النقد التي مارسها فودة على آراء وأفكار ابن تيمية ونقدها، فإذا أبطلنا هذه المنهجية بالحكمة التي تقول " ما بني على باطل فهو باطل "، فلا حاجة للقاريء عندئذ أن يبحث في تفاصيل ما كتبه فودة.

أقام فودة منهجيته النقدية على أربعة أعمدة هي: الهدم بالتهمة، والبناء على الادعاء، والتغبيش على الواقع، والمصادرة على المطلوب بالحشو الفلسفي الزائد، وهذه المنهج يمكن لبسيط الدراية أن يتوصل إليه من كتابات الرجل بمجرد قراءة مقدمات كتبه، " نقض الرسالة التدمرية "، " الموقف "،" تدعيم المنطق " وهي الكتب التي تكشف بوضوح عن تلك التقية التي مارسها على متنه في نقد ابن تيمية.

الهدم بالاتهام

عندما يقبل الباحث على مشروع كتابة نقدية، يجب أن يتحلى بالإنصاف والتساوق مع المنهجية العلمية الصارمة التي تفصل الذات عن الموضوع، وتجعل الموضوع خاضعا بالكلية للجهاز المعرفي الذي يشتغل عليه في تحليله ونقده، كما يكون التفكيك بغيته الهدم والبناء معا بما توافق وتنافر مع ذلك الجهاز الذي يشتغل عليه، وليس مناطه الهوى والرغبة والاشتهاء، والتلبيس والمقايسة على فهوم معرفية مسبقة متوترة بهواجس المعرفة المؤدلجة، وهو ما نجده بتمام الكلام وكماله عند السيد فودة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير