تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التي احتجوا بها ضعيفة، وهي في هذا الموطن باطلة؛ لمخالفتها للقطعي، ولهذا حملها البيهقي والقرطبي في كتاب الصفات رحمهما الله تعالى - لو صحَّتْ - على وَهْمِ الراوي في فهم المعنى، والاحتجاج بما أحدثه الملحدون في التوراة لا يجوز؛ وذلك هو نص (نخلق بشراً يشبهنا)؛ لأن القطعي من ديننا نَفَى ذلك؛ فكان في حق الرب سبحانه إلحاداً، وقد أفضتُ في ذلك في أجوبة أسئلة جريدة المدينة التي هي الآن قيد النشر .. وتارة يكون الحق معهما رحمهما الله يقيناً أو رجحاناً وإن كثر المخالِف كقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (لا أول لمخلوقات الله إلا أنها مسبوقة بوجوده وتدبيره سبحانه وتعالى)؛ فهذا هو الحق؛ لأن الله جل جلاله غير معطَّل لحظة عن الخلق والتدبير والهيمنة، وهذا بخلاف ضلال ابن رشد الحفيد في القول بِقدم العالم؛ فذلك قِدَمُ مَعِيَّة، وياله من كفر!! .. ومثل قولهما في الطلاق البدعي، وفي عدم قضاء صلاة من تركها عمداً من غير عذر حتى خرج وقتها، فلا سبيل له إلا التوبة، والاستكثار من الخير؛ فذانك هما الحق .. وجزى الله ابن قيم الجوزية خيراً ورحمه في براءته من أهل الحلول والاتحاد، ورده عليهم فيما سلف من كلامه وفي جمهرة كتبه، ولكن كلام ابن قيم الجوزية نفسه فيه أخطاء جسيمة أخَفُّها أنه تمحَّل في توجيه كلام سافل ضلالي؛ ليجد له مخرجاً شرعياً ولغوياً؛ لأجل إمامة الهروي رحمه الله وورعه؛ وبهذا التمحُّل يجوز لأهل كل كفر وبدعة أن يؤولوا ضلالهم بمعانٍ مخترعة .. والحق في هذا تخطئة الهروي رحمه الله بعزم وجزم واتكال على الله، والدفاع عن إمامته بأنه أحسن الظن بكلام أهل الحلول والاتحاد المخادعين بالعبارات العائمة؛ فأورده وله محمل صحيح عنده لم يفسره .. ومن أخطاء ابن قيم الجوزية الشنيعة ههنا أنه جعل عبدالله ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من أهل التمكن، وجعل موسى الكليم عليه السلام من أهل الأحوال.

قال أبوعبدالرحمن: والله الذي لا إله إلا هو قسماً براً إن موسى عليه السلام وجميع أنبياء الله ورسله عليهم أفضل الصلاة والسلام كلهم من أهل التمكن في العلم بالله إلا أن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تفضلوني على يونس بن متى) عليه الصلاة والسلام من كمال عبوديته، وتواضعه لإخوانه من النبيين والمرسلين .. ومن كمال عبوديته ترحُّمُه على أخيه لوط عليهما الصلاة والسلام، ثم معارضته له بقوله: (والله إنه ليأوي إلى ركن شديد) .. وليس عندنا يقين أن الله سبحانه وتعالى لو تجلَّى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فلن يخرِّ صعقاً؛ فعظمة الله فوق الظنون، وقد جاء عليه الصلاة والسلام إلى خديجة رضي الله عنها وقلبه يرجف لنزول الوحي .. وثبات جنانه عليه الصلاة والسلام في الإسراء في مشاهدة الأهوال باختيار من ربه لا بطلب منه؛ فأراه آياته وثبَّته .. وإن كان قصد ابن القيم الجوزي رحمه الله أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه في الإسراء كما في حديث أنس رضي الله عنه في صحيح البخاري الذي بالغ ابن حزم رحمه الله في نفيه وقال: (إنه موضوع (37)، فليس كذلك، بل هو وهم وخطأ من أحد تلامذة أنس رضي الله عنه الذي خالف جميع الثقات الرواة عن أنس، وخالف الأحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه عن ربه سبحانه وتعالى: (نورٌ أنَّى أراه؟!)، وقول عائشة رضي الله عنها: (لقد أعظم الفرية على الله من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه) .. كما أن تلميذ أنس رضي الله عنه الشاذ عن ثقات رواة أصحابه توهَّم أن (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (سورة النجم/ 9)، وأن (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) (سورة النجم/ 8) راجعٌ للرب سبحانه وتعالى، ولا يصح إلا أن ذلك جبريل عليه السلام، ولا يليق هذا الوصف برب العزة والجلال .. ومن أخطاء ابن قيم الجوزية رحمه الله أنه كرر (أحوال العارفين) التي هي اصطلاح صوفي، وأدرج موسى عليه الصلاة والسلام وكرَّمه في سياق أصحاب الأحوال .. وليس في شريعة الله أحوال غيبوبةٍ وفناء وهلوسة؛ وإنما تلك الأحوال: إما شيطانية، وإما دعاوى كاذبة .. وبعض الكذبة يتناول مثلاً قطعة (أفيون)؛ لتحصل له حال!! .. وأعبد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم (وهو في غاية خشوعه لربه سَويٌّ بأبي هو وأمي ليست له أحوال كهذه)، وحال موسى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير