ـ[عادل القطاوي]ــــــــ[22 - 07 - 10, 05:52 م]ـ
شكر الله لكم ..
مما رددت به على هذه الشبهة في كتابي [تشييع جنازة الأشعرية] ونقلته عن علمائنا ..
الفصل الرابع: شبهة حديث (فإن ربه بينه وبين القبلة)
هذا الحديث أعلاه جاء بلفظين جعلهما أهل التعطيل من الشبه القوية لنفي العلو:
أحدهما عن ابن عمر (فإن الله قبل وجهه) والثانية عن أنس بلفظ (إن ربه بينه وبين القبلة)
وشنع أهل التأويل والتعطيل على هذين اللفظين وغيرهما مما في معناهما ..
حتى قال ابن جماعة في إيضاح الدليل (1/ 195):
هذا الحديث دافع لمذهب الجهة فإن جهة فوق وقدام متضادان لا يجتمعان البتة فإن حملها على ظاهرهما محال على الله تعالى لا يجتمعان عقلا وعادة وشرعا وإن أوّل هذا دون ذلك فتحكم وإن أولهما فأهلا بالوفاق .. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 491) على لفظ (إن ربه بينه وبين القبلة):
وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته!! ومهما تؤول به هذا جاز أن يتأول به ذاك والله أعلم. اهـ
وقال بدر الدين العيني في عمدة القاري (6/ 395):
ولا يصح حمل هذا الكلام على ظاهره لأن الله تعالى منزه عن الحلول في المكان. اهـ
وهذا من جملة كلام أهل التعطيل ونفاة العلو الحقيقي لله تبارك وتعالى والتي تضافرت الأدلة على اثباته من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وعلماء الأمة والعقلاء من أهل الديانات وأصحاب العقول السليمة من كل فج في أرض الله تبارك وتعالى منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ..
وللجواب على هذه الشبهة أمور:
أولا: الأدلة الكثيرة في اثبات العلو قطعية الثبوت والدلالة ولا يردها دليل أو دليلان فالترجيح العقلي يثبت كثرة الأدلة على قلتها .. وهذا فرض جدلي.
ثانيا: وهو فرض جدلي آخر، أن هذا الحديث من أحاديث الآحاد وقد رددتموه ورفضتموه رفضا في العقائد، فلماذا تبحثون له على تأويل وهو مردود عندكم؟
ثالثا: أن الروايات يفسر بعضها بعضا .. والاقتصار على لفظ أو لفظين دون الألفاظ الأخر الدالة على المعنى المراد بهتان لا يرضاه منصف يبغي الحق ..
فهناك أحاديث عدة تبين المراد من هذين اللفظين وهو أن الله يعلم وينظر ويقرب الى المصلي كما في الآية (فأينما تولوا فثم وجه الله):
فمنها قوله: إن الله يأمركم بالصلاة فاذا صليتم فلا تلتفتوا فان الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت.
وقال: ان العبد اذا توضأ فأحسن الوضوء ثم قام الى الصلاة أقبل الله عليه بوجهه فلا ينصرف عنه حتى ينصرف أو يحدث ..
ومن حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا: إذا قام العبد يصلي أقبل الله عليه بوجهه فاذا التفت أعرض الله عنه وقال يا ابن آدم انا خير ممن تلتفت اليه فاذا أقبل على صلاته أقبل الله عليه فاذا التفت أعرض الله عنه.
ومنها ما جاء في الحديث: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه.
فهذه الأحاديث مجموعة تبين أن الذي بين العبد وبين القبلة ليس الله بذاته!! وانما علم الله ونظره لعبده حال الصلاة كما أن العبد أقرب ما يكون لربه وهو ساجد وهذا القرب مثل ذاك.
رابعا: ارتباط هذا الحديث بآيات وأحاديث المعية:
كما في قوله سبحانه وتعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}
والسلف يثبتون الفوقية والاستواء لله تعالى، ويقولون إنه سبحانه بذاته مستو على عرشه بائن من خلقه، وقالوا عن المعية: إنها ليست بالذات بل بالعلم، ولا تأويل لأنه معنى حقيقي، ومعية حقيقية لدلالة العقل والفطرة وجميع الكتب السماوية على أن الله عال على خلقه فوق جميع المخلوقات وهو مستو على عرشه، وعرشه فوق السموات كلّها، فهو سبحانه محيط بالعالم كله، فأينما ولى العبد فإن الله مستقبله.
وإذا كان الاتفاق بيننا وبينكم أن الله محيط بالعالمين عاليها وسفليها فهو سبحانه موجود في العالم بعلمه واحاطته ولا تخفى عليه خافية، فالقول بأنه قبل وجه المصلي وبينه وبين القبلة صحيح وهو بالعلم لا بالذات ..
قال ابن القيم عن هذه الآية كما في مختصر الصواعق المرسلة [2/ 185 - 186]:
¥