تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}

وقال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}

وقال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)}

وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}

وقال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}

ومن هذا الباب إنكار كثير من أهل البدع والكلام والفلسفة لما يعلمه أهل الحديث والسنة من الآثار النبوية والسلفية المعلومة عندهم، بل المتواترة عندهم عن النبي ص - والصحابة والتابعين لهم بإحسان.

فان هؤلاء يقولون: هذه غير معلومة لنا كما يقول من يقول من الكفار: إن معجزات الأنبياء غير معلومة لهم، وهذا لكونهم لم يطبلوا السبب الموجب للعلم بذلك، وإلا فلو سمعوا ما سمع أولئك وقرأوا الكتب المصنفة التي قرأها أولئك تحصل لهم من العلم ما حصل لأولئك.

وعدم العلم ليس علما بالعدم، وعدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود، فهم إذا لم يعلموا ذلك لم يكن هذا علما منهم بعدم ذلك، ولا بعدم علم غيرهم به، بل هم كما قال الله تعالى: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله)).

ومن خلال هذا التحليل عرفنا أن المتواترات حجة على الإنسان إذا كان متمكنا من العلم بها، فالعبرة في حجة الله هو إمكان معرفتها، فمتى كان في متناول الإنسان الاطلاع عليها، و أعرض عنها وتولى فقد حق عليه العذاب.

ولذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ لَا يُؤْمِنُ بِي: إلَّا دَخَلَ النَّارَ) [7].

قال سعيد بن جبير: تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}

فالشرط إمكان العلم،فإن القرآن قد ركب فيه الله تعالى الدلالة البرهانية الكافية لإقناع البشر بحسب تنوع مداركهم، الشرط هو تمكين السماع منها.

وعليه، فعندما نتكلم عن المتواترات الشرعية النبوية، فوصفها بالمتواترات هو وصف لسندها: قال الله،قال رسول الله.

أما هي في حد ذاتها فتحمل البراهين المقنعة للبشر، فهنا لبس معرفي وقع فيه المناطقة المسلمون في هذه القضية عندما اعتبروا القرآن و السنة أدلة سمعية لا تفيد اليقين، لأنهم لم يفرقوا بين مصدرها الذي هو السمع، و بين دلالاتها و أنها عقلية.

وهذا مثل أن أنقل لك برهانا صحيحا فتوافق على صحته بعد النظر فيه، فإخباري إياك به هو دليل نقلي سمعي خبري، وكونك اقتنعت بدلالته و يقينيته هو برهان عقلي.

فعندما أقول لك لإثبات الحشر بدليل عقلي برهاني قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير