تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما كان حد التشابه في المنطق هو الاتحاد في الكيف [8]،والصفات تستلزم عندهم الجسمية المخالفة للبساطة الحقيقة زعموا أنها تقتضي التشبيه فنفوها.

وقد حاول بعض المناطقة النصارى حل هذا الإشكال فقال:

حد المتشابه هو حد يعبر عن أمر مشترك حقيقة إلا أن معناه لا يتحدد إلا في أنواعه، وهو ليس بالنسبة إليها إلا كالأمر الجامع، أي أنه معنى متوسط بين الحد المتواطئ و الحد المشكك.

والنتيجة لا يمكن تخليص المنطق الصوري من أصوله الميتافيزيقية و أساسه الكليات الخمسة.

وحتى التأويل عند المناطقة لا يخدم غرضا معرفيا أسمى، وليس منهجا ثابتا، فهو يدور مع الغرض منه، ولذلك قالوا: هو ترك المعنى الظاهر من اللفظ إلى معنى آخر يحتمله على سبيل الترجيح للتوصل إلى أمر مرغوب فيه أو مرغوب عنه، فهو متحرك حسب رغبة المتأول، ولذلك أكثر من يحتج بالمنطق و ينتفع به الشيعة الباطنية.

و الحقيقة تقال لقد أخطا الشيخ الشنقيطي ـ رحمه الله ـ عندما اعتبر أن قياسات المنطقة صحيحة ولكن الإشكال في المواد لان الإشكال ليس في صحة نظم قياساته، و أنها يمكن أن تكون صحيحة، ولكن في كونها هل تنتج معرفة ملموسة بمعنى هل يتقدم الفكر بها؟

وقد لاحظ النظار و الفلاسفة و المفكرون أن النتيجة الكلية في القياس المنطقي عديمة الفائدة، و تكرارية، لأنها مجرد جمع، ولا يحصل بها تحول حقيقي في المعرفة، فإذا كانت النتيجة مطابقة للكبرى فما الفائدة في التكرار، وإذا كانت جزءا فقط من الكبرى فما الفائدة من التضييق، فالتفكير لا يتقدم لا في هذه الحالة ولا في الحالة الأخرى، بل التجربة وحدها هي التي تتيح التقدم للعقل.

فالمنطق في أحسن أحواله يعين على الكلام لأن أصحابه لا يستطيعون وضع قياس صحيح يؤدي إلى نتيجة صادقة إن لم يحصلوا مادته من قبل، أي إن لم يعرفوا قبل ذلك صدق ما يستنتجون في قياسهم.

فمن المجمع عليه أن القياس يكون فاسدا إن كان في النتيجة أكثر مما في المقدمتين، وهذا معناه في الحقيقة إنه لم يثبت بواسطة القياس أي شيء لم يكن معروفا أو مفروضا فيه أنه معروف من قبل، إن إدراج قضية عامة لا يضيف شيئا للدليل، فهو دور فاسد.

شروط تعلم المنطق الأرسطي:

على من يريد تعلم المنطق الصوري أن يحدد مجال تطبيقه، وما هي حدود الاستفادة منه، فنظرية الحكم و القضية لا يأتي منها شيء، و كذلك نظرية البرهان لأنه لا يمكن الاستفادة من الكليات إلا في الرياضيات، و الكليات الشرعية قائمة بنفسها لأنها مبنية على السمع، وتسبقها مقدمات مضمرة.

أما الحدود فليس فيها إلا التطويل و التعقيد، و تفصيل ما أجمله الاسم في التعريف خير من التحديد المنطقي.

وفي الأخير لا أريد هنا أن أناقش الشنقيطي في ما اعتقد صحته من قضايا المنطق فهذا أمر متروك للأخ بدر الدين، ولكن أريد أن أشير إلى مسألتين اثنتين:

الأولى: أن ملخص الشنقيطي للمنطق تلخيص ناقص، دفعته خلفيته الشرعية وتوجسه من قضاياه الفلسفية إلى إهدار السياق العلمي لبناء علم المنطق مرحليا، فدخل مباشرة في فصوله الوسطى.

فأقام ملخصه على منهج الانتقاء الموضوعي و الاقتباس الموضعي، وهذا لا يساعد في تعليم المبتدئ إلا أن يقوم بذلك شيخ متمكن من المنطق، متمرس في تعليمه.

ثانيا: الطريقة التي عرض بها المنطق لا تعلم المنطق، ولكن تعلم مصطلحات مفصولة عن تكوينها المعرفي، فكتابه يحتاج إلى كتاب آخر يسبقه، يعرف طلبة العلم بالمنطق اللفظي، و يتدرج معهم،فالحد أنواع، و التصور أنواع ومراتب، و التصديقات أنواع ومراتب، وماهية التصور علم بحد ذاتها،و غير ذلك كثير.

فلم يتعرض الشيخ ـ رحمه الله ـ للنظرية العامة للحد و التصور من حيث تعريف التصور و الحد و طبيعتهما، و تصنيف التصورات و الحدود، و نظرية الفحوى و المحمولات و المقولات، ومفهوم التصور و ماصدقه، والفرق بين التعريف و التصنيف، و إشكالات تسوير المحمول، و القضايا التحليلية و القضايا التركيبية ونظرية الاستنباط العامة، و أنواع الاستنتاج و الاستقراء وطرقهما، وكثير من المسائل.

ولو أجد متسعا من الوقت فسأنزل هذا العمل أي كيف تفهم المنطق بسهولة و يسر، و تتصوره كما هو عند أصحابه بدون نقد، و أترك النقد لأخينا الشيخ بدر الدين لإتمام الفائدة، وحصول المطلب السلفي من دراسة المنطق [9].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير