تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعليه، فإن دور الشيخ بدر الدين شرح مقاصد أهله أولا ثم نقضها،وهذا يستلزم مناقشته بدون جرأة عليه، وعدم الاعتراض عليه بالتقليد.

فمن أراد أن يكون سلفيا في مصدر التلقي و طرق التلقي فلينتبه إلى مقالاته و تعليقاته، و يحاول الاستفادة منها، لأن ما يقوم به الأخ بدر الدين ليس ترفا عقليا لإظهار القدرات و المكنات، ولا ترديدا لشيء قاله ابن تيمية فقهه الإخوة،و أدركوا مجانبته للصواب.

فالأخ بدر الدين من أقدر من أعرف على نقد المنطق و الفلسفة دون الانحراف عن عقيدة السلف، أو التناقض في المنهج العلمي.

وقد سبق له تدريس المقدمة المنطقية لكتاب الغزالي (المستصفى)، و (شرح الأصفهانية)،وهو الآن يدرس (معيار العلم في فن المنطق)، فمتى استشكل على الإخوة موضوع من موضوعات المنطق فله أن يستفسر و يطالب بالتوضيح و الإثبات، لكن ليس بنقل قول الشنقيطي أو الأخضري أو الغزالي أو الرازي و الخونجي أو ابن عرفة لأنهم ليسوا إلا مرددين لمنطق أرسطو بواسطة ابن سينا القرمطي معرفة ومذهبا.

ومن أراد أن يكون سلفيا متناقضا، عبثيا في المعرفة، يأخذ في أصول الدين بمنهج،وفي أصول الأحكام و الجدال بمنهج آخر مناقض و معارض له، من جهة يقبل المنطق و يقر بصحته، ومن جهة أخرى يقول بعقيدة لا يقبلها المنطق في أي صورة، فليدرس منطق الشنقيطي و الأخضري بدون نقد.

فإن لم يصلح علم المنطق في الإلهيات و استغني عنه في أصول الفقه بمناهج علمية صحيحة خاصة بهذا العلم ففي أي علم يحتاجه المسلم؟!

و لو كان المنطق الصوري ينفع في معرفة الحق في أي حقل من حقول المعرفة لعرف الحق من اشتغل به، فما بال المجوسي و اليهودي و المسيحي و الملحد كلهم يتشدق بهذا المنطق، وكلهم كفار و ضلال؟!

والمحصلة:

هل يجوز تعلم المنطق الصوري؟

الجواب نعم.

هل نكتفي بتعلمه فقط؟

الجواب: لا،يجب تعلم نقده بطرق القرآن، وتعلم بقية أنواع المنطق.

وفي الأخير أقول: ما قام به الشيخ الشنقيطي ـ رحمه الله ـ عمل كبير، كان نافعا لكثير من السلفيين بحكم الظروف و الحاجة التي كانت قائمة آنذاك، فقد سد ثغرة كبيرة، ولكن بسدادة مؤقتة،حان الوقت لتغييرها.

والمسلم مطالب بالتحسن و التجاوب مع التحديات، و العلم لن يقف عند شخص معين، ولذلك فإننا نقدر مجهوده و نثمنه، ولكن لا نقف عنده، كما لا نخلط بين القضايا.

كما إني من خلال هذا المقال أردت تنبيه الأفاضل الذين يقومون بتدريس المنطق الأرسطي أن عملهم هذا يدل على وعي كبير بالتحديات العلمية، و لكن يلزمهم تطعيمه بنقد فصوله الباطلة، و توسيع معارفهم في هذا المجال، فقد عاينت في مذكرة الشيخ الشنقيطي أنه كلما تفطن إلى تعارض المنطق مع أصول الفقه كان ينبه ويبيّن الجواب الصحيح، كما فعل في مسألة الأمر، و تعارض الكبرى الموجبة مع الصغرى السالبة وغيرها.

وفي الأخير أقول: لم أكتب هذا المقال نقدا للمنطق، ولكن لوضعه في الصورة الشاملة لنعرف ما نحتاجه منه، وما لا نحتاجه، و لنضعه في مكانه الصحيح، فحاولت أن أصور لكم ـ بإيجاز ـ نظرية المنطق من الخارج، و يبقى نقده من الداخل دور الشيخ بدر الدين إن شاء الله تعالى.

و لأبين لكم ـ بحكم خبرتي ـ منزلة الشيخ بدر الدين في هذا العلم لأنه كما يقال: من لا يعرف الصقر يشويه.

والحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.

أرزيو في 04 شعبان 1431هـ

مختار الأخضر طيباوي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]ــ الذي فهمته من الإخوة أنهم يريدون تعلم المنطق على الأقل معرفة مصطلحاته ثم بعد ذلك الاطلاع على كيفية نقده، أي التصور ثم النقض، وهذا هو المنهج العلمي الصحيح، لأني لا أظن أن بعضكم يمكنه التجاوب مع النقض دون أن يسبق ذلك تصور شامل للمنطق الصوري،ولذلك سنحاول تلبية هذا الطلب بالتعاون مع الشيخ بدر الدين.

أما هذا المقال فهو لوضعكم في الصورة حتى تفهموا القصد من النقض و دوافعه، ولن أقف عند أخطر مسائل المنطق و أولاها بالنقض بل سأشير إلى بعض المسائل من باب التمثيل و تقريب الفهم.

[2]ـ يقصد ـ رحمه الله ـ الإحاطة بثقافة الناس، ومخاطبتهم وفق اصطلاحهم ولغتهم العلمية تسهيلا عليهم في فهم الحق، ومن ثم قبوله و الانقياد له.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير