ومن لا يعلم الخير من الشر يقع فيه
وأظن هذا الرجل الذي قال هذا الكلام أخذ هذا من كلام حذيفة ابن اليمان الذي رواه البخاري و غيره قال:" كان الناس يسألون رسول الله _صلى الله عليه و سلم_ عن الخير و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني "، فالذي لا يميز البدعة ولا يعرفها يقع فيها حتى وهو لا يدري، وأنا أعلم أن الذين يقفون على الرصد في هذا وينكرون البدع المحدثات يلاقون عنتًا شديدًا، كما قال بن مسعود: يربوا الصغير على هذه البدعة ويطلع صغير هكذا يلاقي الناس يفعلون فعلًا معينًا يظن أن هذا الفعل سنة فإذا قلت له هذا لا يجوز، قال لك أبي كان يفعله وجدي كان يفعله وأبو جدي كان يفعله ويظل يصعد، يصعد إلى أن يصل إلى الجد السابع عشر، الثامن عشر، الجد المائة كلهم كانوا يفعلون ذلك.تأتي اليوم وتقول لي هذا بدعة أنت الآن تغير السنة، هذه سنة يعتقدون أنها سنة بسبب كثرة لبثها في الناس وعدم إنكار أهل العلم عليها، فأنا أعلم أن الذين يقفون على الطريق يقولون للناس هذه بدعة أنهم يلاقون عنتًا شديدًا وقديمًا قال بن حزم في مثل هذا
قَالُوْا تَجَمَّل فَإِن الْنَّاس قَد كَثُرَت
أَقْوَالُهُم وَّأَقَاوِيْل الْوَرَى مِحَن
فَقُلْت لَهُم هَل عَيْبُهُم لِي غَيْر أَنّي
لَا أَقُوْل بِالْرَّأْي إِذ فِي رَأَيِهِم فَنَن
وَأَنَّنِي مُوْلَع بِالْنَّص لَسْت إِلَى
سِوَاه انْحُوّا وَلَا فِي نَصْرِه أَهِن
يَا بَرْد ذَا الْقَوْل فِي صَدْرِي وَفِي كَبِدِي
وَيَا سُرُوْرِي بِه لَو أَنَّهُم فَطِنُوْا
دَعْهُم يَعَضُّوا عَلَى صُم الْحَصَى كَمَدا
مَن مَات مِن قَالَتِي عِنْدِي لَه كَفَن
أي الذي سيموت من إفشاء النص أنا الكفن على حسابي، هو فقط يموت وأنا سأكفنه على حسابي.
يَا بَرْد ذَا الْقَوْل فِي صَدْرِي وَفِي كَبِدِي
وَيَا سُرُوْرِي بِه لَو أَنَّهُم فَطِنُوْا
دَعْهُم يَعَضُّوا عَلَى صُم الْحَصَى كَمَدا
مَن مَات مِن قَالَتِي عِنْدِي لَه كَفَن
والكلام في البدع المحدثات كلام طويل وقد صنف أهل العلم مصنفات في هذا ومن أفضل من صنف في هذا وأعطى الموضوع حقه الإمام الكبير أبو إسحاق ألشاطبي- رحمة الله عليه- في كتابه الماتع الجامع الذي لا يمل المرء من قراءته أبدا و هو كتاب الاعتصام.
أنا أحث كل مسلم على أن يقتني هذا الكتاب، كتاب الاعتصام للإمام ألشاطبي- رحمة الله عليه-:لأنه وضع ضوابط لم يُسبق إليها في التمييز ما بين البدعة وما بين المصلحة المرسلة، لان فيه بعض الناس لا يفرق بين البدعة وبين المصلحة المرسلة بل أنا أقول لك شيئًا، البدعة قد تكون في الترك، إذا ترك المرء الملذات تعبدًا كان مبتدعًا إذا ترك أي شيء من الملذات تعبدًا لله- عز وجل-:" جاء ثلاثة نفر إلى أبيات النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، فكأنهم تقالوها، قالوا هذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال: أحدهم أما أنا فأقوم ولا وقال الآخر وأما أنا فأصوم ولا افطر، وقال الثالث: وأما أنا فلا أتزوج النساء، فلما علم النبي- صلى الله عليه وسلم- بذلك جمع الناس، وقال ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا، أما إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية أنا أقوم وأنام وأصوم واُفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " هذا ترك للملذات، ومع ذلك أنكره رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم.
أي شيء يتعبد به المرء نقول له قف (فان الأصل في التعبد المنع حتى يرد دليل بالإذن) أحفظوا هذه القواعد، الأصل في العبادة المنع حتى يرد دليل بالإذن، أي لا يجوز لك أن تعبد الله بهواك ولا بأي طريقة تحبها إنما تعبد الله- عز وجل- بما شرعه الله- عز وجل- في كتابه أو على لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم- فقبل أن تتقرب انظر هل هذا مشروع لك أم غير مشروع؟ لان العبادة ليست بالذوق.
الطرف الثاني لهذه القاعدة: (والأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل بالمنع) يبقى الأشياء على ضد العبادات.
¥