تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: أن ابن تيمية أورد هذا الكلام في صدد رده على ابن المطهر الشيعي الذي عاب على عثمان أنه أعطى أقاربه، واعتبر هذا من النقائص الخارمة، وبني على هذا أنه لم يكن يستحق الإمامة، وأن علياً كان أولى منه بها؛ وعليه فيجب أن يفهم النص في سياق الموضوع كله، عندئذ سيفهم أن ابن تيمية لم يرد الحط من شأن علي رضي الله عنه، وإنما قصد إبطال دعوى الرافضي بمقابلتها بدعوى خصمه، بمعنى أنه لو فرضنا أنه يلزم من اجتهاد عثمان في إعطائه بعض أقاربه تنقيصه وذمَّه كما زعم الروافض، لكان هذا الفرض مقابلاً بفرض آخر وهو أنه يلزم من ابتداء علي بالقتال حسب اجتهاده تنقيصه وذمَّه كما قالت النواصب، ولكننا نعتقد أنه كان متأولاً، وكذلك كان عثمان، وكلاهما مأجور غير مأزور.

ومن النماذج كذلك قول ابن تيمية رحمه الله:"ولم يحصل بالقتال لا مصلحة الدين ولا مصلحة الدنيا، ولا قوتل في خلافته كافر ولا فرح مسلم، فإن علياً لا يفرح بالفتنة بين المسلمين، وشيعته لم تفرح بها لأنها لم تغلب، والذين قاتلوه أيضاً لم يزالوا في كرب وشدة، وإذا كنا ندفع من يقدح في علي من الخوارج مع ظهور هذه الشبهة فلأن ندفع من يقدح في أبي بكر وعمر بطريق الأولى والأحرى، وإن جاز أن يظن بأبي بكر أنه قاصداً للرئاسة بالباطل - مع أنه لم يعرف منه إلا ضد ذلك - فالظن بمن قاتل علي الولاية ولم يحصل له مقصوده أولى وأحرى" ([6]).

وقوله أيضاً:"ومن المعلوم أن الخلفاء الثلاثة اتفقت عليهم المسلمون، وكان السيف في زمانهم مسلولاً على الكفار مكفوفاً عن أهل الإسلام، وأما على فلم يتفق المسلمون على مبايعته، بل وقعت الفتنة تلك المدة، وكان السيف في تلك المدة مكفوفاً عن الكفار مسلولاً على أهل الإسلام، فاقتصار المقتصر على ذكر عليّ وحده دون من سبقه هو ترك لذكر الأمة وقت اجتماع المسلمين وانتصارهم على عدوهم، واقتصار على ذكر الإمام الذي كان إماماً وقت الفتنة في بلاد المسلمين، لاشتغال المسلمين بعضهم ببعض، وهو ترك لذكر الخلافة التامة الكاملة واقتصار على ذكر الخلافة التي لم تتم ولم تحصل مقصودها" ([7]).

وهذا الكلام مسوق في الرد على الشيعة الروافض الذين لا يعتدون بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ولا يذكرون إلا خلافة عليّ وليس في الكلام أدنى تنقيص لعلي رضي الله عنه؛ لا نه يسير علي نفس المنهج، ولكن بالموازنة بين عهدين: عهد أبي بكر وعمر وعثمان، وعهد علي رضي الله عنهم أجمعين؛ وذلك لإثبات أنهم كانوا أولى منه بالإمامة، وأن إمامتهم حق، وللرد على ابن المطهر الشيعي الذي أبطل إمامتهم.

والملاحظ أن المؤلف تعامل مع هذين النصين بمنتهي السوء، فأما النص الأول فلم يورد منه إلا قول ابن تيمية: "ولم يحصل بالقتال لا مصلحة الذين ولا مصلحة الدنيا، ولا قوتل في خلافته كافر ولا فرح مسلم "وذلك ليظهر السياق وكأنه ذم محض، وهذا مسلك في العلم مشين. وأما النص الثاني فقد أسقط منه عبارة لا يفهم كلام ابن تيمية على وجهه الصحيح إلا بها، وهي قوله: "فاقتصار المقتصر على ذكر عليّ وحده دون من سبقه هو ترك لذكر الأمة وقت اجتماع المسلمين وانتصارهم على عدوهم، واقتصار على ذكر الإمام الذي كان إماماً وقت الفتنة في بلاد المسلمين، لاشتغال المسلمين بعضهم ببعض" وهذا كاف في إبطال دعواه وتقويضها من أصولها.

ومن النماذج التي أوردها المؤلف وعلق عليها أيضاً قول ابن تيمية "لم يكن لعلي في الإسلام أثر حسن إلا ولغيره من الصحابة مثله، ولبعضهم آثار أعظم من آثاره، وهذا معلوم لمن عرف السيرة الصحيحة الثابتة بالنقل، وأما من يأخذ بنقل الكذابين وأحاديث الطرقيين فباب الكذب مفتوح" ([8]).

وأورد المؤلف كلام ابن تيمية السابق ثم أخذ يعلق عليه بنقل كلام ابن حجر رحمه الله تعالى في الإصابة عن خصائص عليّ رضي الله عنه، وهو يريد أن يقول بأنها ما دامت خصائص فلا يصح أن يشاركه فيها أحد، وبالتالي يكون كلام ابن تيمية خطأ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير