تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن المبادئ المقررة في دين الله تقريراً لا يقبل الشك: مبدأ سيادة الحق على الخلق، وأن الحق لا يدور حول أشخاص سوى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتباره مبلغ عن الله تعالى؛ لذلك لا يتصور أن يكون رضي الله وغضبه تابعاً لرضى شخص أو غضبه، ولا أن تكون موالاته ومعاداته تابعة أو دائرة حولشخصمن الأشخاص، اللهم إلا إذا كان ذلك للحق الذي يمثله ويتولاه هذا الشخص.

لكن الشيعة في دفعة العصبية والغلو زعموا أن الحق يدور مع علي حيث دار، وأن من والى علياً فقد والى الله ومن عادى علياً فقد عادى الله، وأن من أرضى فاطمة فقد أرضى الله ومن عاداها فقد عادى الله، بقطع النظر عن السبب؛ لذلك اعتبروا من لم يكن مع علي كان هالكاً ومن تقدم عليه في الخلافة كان لله عدواً، ومن حرم فاطمة ميراثها من أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأغضبها فقد استحق غضب الله وعقابه، بقطع النظر عن اجتهاده. وساقوا في ذلك أحاديث لم تصح، ذكرها ابن المطهر في كتابه.

فرد ابن تيمية على هذه المزاعم ودافع عن المبادئ التي داستها جحافل الشيعة في مسيرة الغلو الفاحش.

فكان من أقواله التي لم يرض عنها سيادة (المؤلف الناقد!) ما يلي:"وأيضاً فالحق لا يدورمع شخص غيرالنبي صلى الله عليه وسلم، ولودارالحق مع على حيثمادارلوج بأن يكون معصوماً كالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم من جهلهم يدعون ذلك، ولكن من علمأنه لم يكن بأولى بالعصمة من أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم - وليس فيهم من هو معصوم -علم كذبهم." ([20]).

" وأما قوله: "اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَلاهُ."الخ فهذا ليس في شيء من الأمهات إلا في الترمذي، وليس فيه إلا:من كنت مولاه فعلي مولاه، وأما الزيادة فليست في الحديث وسئل عنها الإمام أحمد فقال:: زيادة كوفية، ولا ريب أنها كذب. وكذلك قوله اللهم وال من والاه وعاد من عاداه مخالف لأصل الإسلام، فإن القرآن الكريم قد بين أن المؤمنين أخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على بعض" ([21]).

"وأما قوله ورووا جميعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا فاطمة: "إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ، وَيَرْضَى لِرَضَاكِ" ([22]) فهذا كذب، ما رووا هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف هذا في شيء في كتب الحديث المعروفة، ولا له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صحيح ولا حسن، ونحن إذا شهدنا لفاطمة بالجنة وبأن الله يرضى عنها فنحن لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وسعيد وعبدالرحمن بن عوف بذلك نشهد ونشهد. ومن يرضى الله عنه ورسوله لا يضره غضب أحد من الخلق كائناً من كان." ([23]).

أورد المؤلف هذه النصوص الثلاثة من كلام شيخ الإسلام في كتابه السيئ "أخطاء ابن تيمية." وتعامل مع النص الأخير بطريقة سيئة؛ إذ أسقط من سياقه عبارة لها أثر كبير في المعنى العام. مع أنه قال قبل أن ينقل تلك النصوص: "قال ما نصه"!!.

وكان من تعليقاته الغريبة أنه قال:" ماذا يضر ابن تيمية في أن الله يغضب لغضب فاطمة رضي الله عنها بضعة رسول الله ويرضى لرضاها." ([24]).

وهو تعليق في غاية السماجة، لأن ابن تيمية هنا يقرر مبدأ، ويدافع عن قضية هي من ثوابت هذا الدين، والجواب بمثل هذا التساؤل نشاز في الشكل والموضوع.

ولا يحق لأحد أن يزايد على البضعة النبوية المباركة بهذه الطريقة المنكرة، والتذرع بالدفاع عن الأشراف للنيل من الناس يعتبر تزيداً فاحشاً عليهم، وربما لو كانوا أحياء لأغضبهم أشد الغضب هذا التزيد المرفوض.

وعبثاً حاول (المؤلف!) تصحيح حديث: "إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ، وَيَرْضَى لِرَضَاكِ ".

ولا يمكن أن تسعفه هذه المحاولات اليائسة البائسة، وعلق على النص الثاني قائلاً: "ما هو هذا الأصل من أصول الإسلام الذي خالفه قول النبي صلى الله عليه وسلم "اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَلاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" ([25])، هل هو الصلاة أم الزكاة أم الحج؟ للأسف يفتح ابن تيمية الباب على مصراعيه للزنادقة " ([26]).

وياله من تعليق عجيب مثير للدهشة!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير