تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقول: طالما أنه وحي ثابت بمنهج أهل الحديث فهو حديث صحيح والذي فيه حق، وكون العلم يعجز عن اكتشاف ذلك، فالعيب في عقل الإنسان، وليس في كلام النبي.

فهذا الحديث من معجزات النبي الطبية التي يجب أن يسجلها له تاريخ الطب بأحرف ذهبية، فالذباب عليه بكتيريا في أحد جناحيه، ومضادات هذه البكتريا تتكون في الجناح الآخر، ونحن نعلم أنه إذا أصاب البدن فيروسات فإن أفضل علاج له هو المضادات التي يفرزها الجسم لمقاومة هذه الفيروسات، وهذا هو أنجح علاج وإلا ينتشر المرض، فالذباب نفسه يفرز مادة مضادة قاتلة للبكتيريا الموجودة فيه، فمن الذي علَّم النبي هذا الكلام؟! فهذا وحي نزل من السماء.

وهذا الذباب نعمة من الله تعالى، فهو مقياس لعامل النظافة، فإذا وقع عدد قليل من الذباب على جسم الإنسان فإنها تنقل ميكروبات خفيفة، وعندما تصل هذه الميكروبات إلى الجسم يقوم بعمل حماية تلقائية، فتتعرف كرات الدم البيضاء على الميكروبات، حتى إذا هجم ميكروب بهذه النوعية بعد ذلك، يكون الجسم مستعداً له، فهذا تطعيم تلقائي من قِبَل الحق، فانظر إلى الحكمة، فالله سبحانه وتعالى يحمي الإنسان بمثل هذه الأشياء، وأما إن هجم الذباب على الإنسان فتكاثرت الميكروبات عليه حتى غلبت كرات الدم البيضاء، حينئذ يُصاب الإنسان بالمرض، وفي هذه الحالة يكون الإنسان هو المتسبب في هذا لأنه لم يحرص على النظافة.

فالله سبحانه وتعالى لا يفعل فعلاً إلا وهو خير يعود عليك، وقال نبينا: "والشر ليس إليك".

• ابن رشد الفيلسوف صاحب كتاب " بداية المجتهد ونهاية المقتصد " كان يقول: هنا أدلة الشرع متعارضة، ونقدم العقل على النقل فيها.

ومن أمثلة ذلك: قوله سبحانه وتعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) (النساء:78)، فالحسنة والسيئة من عند الله على عكس كلام المنافقين، وفي الآية التي بعدها يقول تعالى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً) (النساء:79)، فلماذا أنكر عليهم أولاً؟، فهل السيئة من عند الله أم من عند العبد إذا خالف؟، يقول: هذا تعارض، فنقدم العقل على النقل.

نقول: لا يوجد أي تعارض على الإطلاق لأن هناك حسنة وسيئة بالمعنى الكوني، وحسنة وسيئة بالمعنى الشرعي، الحسنة والسيئة التي بالمعنى الكوني أن الله يخلق الشر والخير، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء:35)، فهزيمة الإنسان في المعركة هي سيئة بالنسبة له، ولكنها يمكن أن تكون خيراً،قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) (البقرة:216)، فالنعمة أو النقمة ابتلاء من الله، وهذا على اعتبار المعنى الكوني في ابتلاء العباد.

وأما على المعنى الشرعي، فإن خالف أحد الشرع فهو المسئول لوقوعه في العصيان، ولذلك يقول تعالى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) أي ما أصابك من توفيق إلى طاعة فمن الله، ولذلك فإن موافقة العبد للإرادة الشرعية موافقة أيضاً للإرادة الكونية، وأما لو خالف العبد الإرادة الشرعية فإن الإرادة الكونية ستقع عليه.

فلا تعارض، فإذا نظرت إلى وجه من وجوه التوحيد، وهو معنى الربوبية التي بها يخلق الأشياء، (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (التغابن:2)، ولكن الذي يتحمل الوزر هو العاصي الذي عصى الله وخالف شرعه، فما أصابه من سيئة فبسبب مخالفته، وأما لو أطاع فسيصبح في خير (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف:96)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير