تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العقل مطية للنقل، فالنقل هو الذي يوجهه، فطريقة السلف الصالح أننا نحمل النقل فوق رؤوسنا، ونجعل أنفسنا مطية لكتاب ربنا، فإذا قال أحد: سآخذ من القرآن ما يعجبني، فهو بذلك يريد أن يوجِّه النقل حسبما يشاء، وهذا خطر كبير جداً على فهم طريقة السلف الصالح.

• متى يُقدَّم العقل ومتى يُقدَّم النقل؟

إن قال قائل: هل معنى هذا الكلام أن يكون الإنسان متحجراً، عنده جمود عقلي، لا يفكر؟

نقول: لا، لأن الشرع (المتمثل في الكتاب والسنة) لما أنزله الله على ألسنة الرسل راعى فيه هذه المسألة وهذه الجزئية.

فمتى يُقدَّم العقل على النقل ومتى يُقدَّم النقل على العقل؟ أو نقول: أيهما يحكم على الأشياء بالحسن والقبح، العقل أم النقل؟

هذه مسألة من أهم المسائل التي تضبط قضايا العقيدة، فهل الشرع جاء بتقديم النقل فقط وإلغاء العقل؟ وهل منهج السلف مبني على الجمود العقلي؟

نقول: لا، بل إن فيه قمة الإبداع العقلي، لماذا؟

إن مسألة تمييز الحسن والقبيح، وأن نفعل كذا ولا نفعل كذا معتمدة على المصلحة، وهذه المسألة موجودة في البشر لا يستطيع أحد أن يدفعها عن نفسه، فمن الذي يحدد الضوابط التي نميز بها بين الحسن والقبيح؟

إن قلنا بأن العقل هو الذي يحدد هذه الضوابط، فسيظهر ما يسمى بالقانون الوضعي، فالقانون الوضعي عبارة عن أن مجموعة من العقلاء اجتمعوا ووضعوا نظاماً، وقالوا للناس بأن يفعلوا كذا ولا يفعلوا كذا، ففي أي دولة يجب أن يكون هناك مجموعة من القوانين تحدد ضوابط الخير والشر، فبالنسبة للقوانين الوضعية الذي يحدد هذه الضوابط هم البشر، فالقوانين الوضعية كلها تجعل مرجعية الحكم على الأشياء بالحسن والقبح إلى العقل، ولذلك تختلف الأمور، فتجد في الدول الغربية يباح الزنا واللواط ويباح شرب الخمر، ولذلك جاءت أمراض لا حصر لها، وكل ما كان القانون أقرب إلى الشرع والنقل كلما كان فيه عصمة.

فالله لما يقول لنا: افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا، فإنه يحدد الحسن فعلاً، لأن المصلحة في ذلك لا ترجع إلى الله تعالى، وإنما ترجع إلى العبد نفسه، في حين أن الذين يضعون القوانين الوضعية أحياناً ما يضعون هذه القوانين لمصلحتهم، وليس لمصلحة الناس، فقد تتغير كل هذه القوانين في لحظة لمصلحة من وضعها، أما رب العزة والجلال فليس له مصلحة في أن يقول لك افعل كذا أو لا تفعل كذا، فالنفع سيعود عليك، ولذلك فالقوانين في الإسلام شرعية، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (يوسف:40)، وهذا ينبغي أن يكون إلزاماً، لأنه سبحانه رب والكل عبد له، وإذا نظرنا إلى ذلك نظرة عقلية فسنجد أن العقل يقول بأن توجيه الخالق للمخلوق أفضل من توجيه المخلوق للمخلوق، فالحسن والقبح مرده إلى النقل، وشتَّان بين قانون شرعي وقانون وضعي.

إن قال قائل: هل هذا مطلق؟ بمعنى أن العقل ليس له دور في التمييز؟

نقول: لا، له دور، فدور العقل في أنه يؤيد النقل في ذلك، فيقول بأن قوانين السماء التي نزلت من عند الله هي أفضل لي.

الأحكام التكليفية تنقسم إلى خمسة أحكام:

1. الواجب: هو ما أمر به الشرع على سبيل الحتم والإلزام.

أو: هو ما يُثاب على فعله ويُعاقب على تركه، مثل: الصلاة والزكاة، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) (البقرة:110).

2. المندوب (المستحب): هو ما أمر به الشرع لا على سبيل الحتم والإلزام.

أو: ما يُثاب على فعله ولا يُعاقب على تركه، مثل الصلاة قبل المغرب، فقد قال: صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، ثم قال: "لمن شاء"، فطالما أنه خيَّر فيها، فالأمر يكون للاستحباب.

3. الحرام: هو ما نهى عنه الشرع على سبيل الحتم والإلزام.

مثل قوله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32).

4. المكروه: هو ما نهى عنه الشرع لا على سبيل الحتم والإلزام.

مثل نهيه عن أكل البصل والثوم.

5. المباح: وهو ما يُخيَّر فيه بين الفعل والترك، فلا يُثاب على فعله ولا يُعاقب على تركه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير