تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عن المعتزلة: حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنعال، ويُطاف بهم في العشائر والقبائل ويُقال: هذا جزاء من ترك كتاب الله وسنة رسوله وأقبل على علم الكلام.

التوحيد عندهم يقتضي نفي صفات الحق سبحانه وتعالى، فنحن نريد أن نعرف الله ولم نره، فيجب أن يأتينا خبر من الله تعالى يُعرِّفنا بنفسه، والمفروض علينا تصديق هذا الخبر.

وأما المعتزلة فيقولون: لا تصدق، لأنك لو أثبت صفة لله تعالى لأشبه المخلوقات، فلو أثبتنا لله تعالى السمع لأثبتنا له الأذن.

نقول: الإنسان يسمع بأذن لأننا نراه ونرى كيفية سمعه، ولا يشترط لكل شئ يسمع أن تكون له أذن، فالمسجلات الحديثة تسمع الصوت وتسجله بدون أذن، فالله تعالى يسمع ولكن لا نعلم الكيفية، والذي يسأل عن الكيفية مبتدع.

جاء رجل للإمام مالك وقال له: "الرحمن على العرش استوى"، كيف استوى؟

فكيف للإمام مالك أن يجيب عن هذا السؤال؟!، فلكي يجيب الإمام عن هذا السؤال يلزم أمران: إما أن يراه أو أن يرى مثيله، والرسول يقول: "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت"، ولا يوجد مثيلٌ لله جل وعلا، قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11)، فهناك كيفية لسمع الله تعالى يعلمها الله ولا نعلمها نحن لأننا لم نرها.

فإن قال قائل: ما هو شكل العرش؟

نقول: لا نعلم، وسنعلم ذلك بإذن الله تعالى في الآخرة، قال تعالى: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) (الحاقة:17)، وقال: "سبعة يظلهم الله في عرشه، يوم لا ظل إلا ظله ... "، وقال: "فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش".

فأطرق الإمام مالك رحمه الله تعالى وعلاه الرحضاء (أي: العرق) وقال له: الاستواء معلوم (أي: معلومٌ معناه أنه علا وارتفع فوق عرشه كما أخبر عن نفسه) والكيف مجهول (أي مجهول لنا، فهناك كيفية معلومة لله، فلو نفى أحد الكيفية فقد نفى الصفة) والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أُمر به فأُخرج.

فهذا لأنه أراد أن يُقدِّم عقله على كتاب ربه في باب الخبر، والمفروض أن يُقدَّم النقل على العقل.

فالتوحيد عند المعتزلة هو نفي أوصاف الله، وهذا يدل على فساد عقولهم، فلو قام أحد بين الناس وقال: ابني لا نظير له، فقيل له: في أي شئ؟، فقال: "ليس له أي صفة"، فهل هذا مدح؟؟، هذا هو مذهب المعتزلة، بخلاف ما إذا قال: ابني لا نظير له في علمه وأخلاقه، فبذلك وحَّده في وصف.

فالله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، في ماذا؟ قال تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، فليس كمثله شئ في سمعه وبصره، والمعتزلي نفسه لا يفرح إذا قال له أحد: أنت ليس لك أي صفة، ولا يقبل ذلك على نفسه، فكيف نقبل ذلك على ربنا سبحانه وتعالى؟!، فيقولون بأن التوحيد هو أن تثبت الأسماء وتنفي الصفات.

والعدل عندهم بأن تقول بأن الله لم يخلق أفعال العباد، وأن العبد هو الذي يخلق فعله.

أما المنزلة بين المنزلتين فبدعة عقلية أيضاً، فمرتكب الكبيرة عندهم لا مسلم ولا كافر، وإنما هو في منزلة بين المنزلتين، وأما في الآخرة فهو في النار مخلَّد، لماذا؟

لإنفاذ الوعيد، فطالما أن الله قال بأنه سيدخل النار فسيدخل النار، ولذلك أنكروا الشفاعة وأنه من الممكن أن يخرج ناس من النار، مع أن الأمة قد أجمعت على الشفاعة.

وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالمعروف هو مذهب المعتزلة الذي فيه تقديم العقل على النقل، والمنكر هو أن تقدم النقل على العقل، فجعلوا مذهب السلف منكراً، فهذه من بدع العقائد، وسببها تقديم العقل على النقل في باب الأخبار.

وكذلك من أمثلة بدع العقائد، بدعة الأشعرية الذين قالوا بإثبات سبع صفات ونفي الباقي، لماذا؟

قالوا: لأن العقل دلَّ عليهم، وأما الباقي فموهمة للتشبيه:

وكل نص أوهم التشبيه أوِّله أو فَوِّض ورُم تنزيهاً

• بدع العبادات سبب ظهورها تقديم العقل على النقل في باب الشرائع والأحكام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير